للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن هذا المعنى إذا يئس من حياة ما لا يؤكل فيذبح لإراحته من الوجع والذي رأيت المنع إلا أن يكون من الحيوان الذي يذكى لأخذ جلده. اهـ (١)

إن حاصل هذا التفصيل أن الحيوان الأهلي لا يذبح إلا لمنفعة الإنسان بذبحه، وإذا لم تكن له منفعة من ذبحه لأكل لحمه أو الانتفاع بجلده فلا يقتل إلا إذا تكرر ضرره وخرج عن طبعه في الضرر الحاصل منه.

ومعنى هذا أن البييضة الملقحة بعد تكاثرها وتجميدها أولى بالإبقاء على حياتها وعدم تدميرها، كما جاء في بحث الدكتور عبد الله حسين باسلامة أن اللقيحة تبلغ في انقسامها إلى مرحلة ٨- ٣٢ خلية فقط ولم يصل النمو فيها إلى مرحلة تكوين أعضاء، ثم يقول: فإننى لا أرى في الوقت الحاضر على الأقل إمكانية الاستفادة من الأجنة الفائضة في عملية زراعة الأعضاء ولكن قد يمكن الاستفادة من نقل بعض من خلايا تلك الأجنة الفائضة ويرجح الدكتور باسلامة نقل بعض تلك الخلايا وزراعتها في إنسان آخر وأنه أفضل بكثير من إتلافها، وفي إتلافها نوع من الوأد لها.

من هذه الناحية فقهياً وطبياً يترجح أنه لا تدمر اللقيحة ولكن من ناحية أخرى نجد أن الفائض من البييضات المخصبة سيتكاثر مع الزمن. وستزخر الحافظات بعدد مهول منها خاصة وقد علمت أنه يمكن الاحتفاظ باللقيحة إلى خمسين سنة، يعني حتى إلى ما بعد المعدل الأقصى لعمر الأبوين إذ المعتاد أن لا يباشر الأطباء عملية التلقيح المجهرى إلا ما بعد الثلاثين سنة من عمر الأبوين وتكاثرها مظنة اختلاطها، ومهما بذل القائمون من احتياطات فلن يستطيعوا أن يتيقنوا من السلامة من الاختلاط. ومعلوم أن كل باب يؤدي إلى اختلاط الأنساب فقد أحكم الشارع سده.

هذه واحدة، وأما الثانية فإنه على فرض الاحتفاظ بها فإلى أي حد من الزمن؟ لأن الخمسين سنة ليست غاية ما بعدها غاية، ثم ما هي حاجات البشرية لهذه الخلايا المأخوذة من اللقيحات؟ هل تبلغ فعلاً أنها عملة صعبة لا يتيسر الحصول عليها حتى ندخرها؟ ولهذه المحاذير أرجح أن كل لقيحة بلغت من الانقسام ٨/٣٢ وحدة، وانتهت حاجة الزوجين منها يجب أن تدمر في الحال.


(١) مواهب الجليل: ٣/٢٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>