السقط ما انفصل عن رحم الأم وخرج منه ولم تظهر عليه مظاهر الحياة الواضحة كالبكاء والحركة أو الرضاع أو العطاس ويتفق العلماء على أن السقط الذي لم يبلغ أربعة أشهر لا يغسل ولا يصلى عليه، وأما إذا بلغ أربعة أشهر فما فوقها ولم تتحقق حياته فالخلاف بين الفقهاء في الصلاة عليه وغسله، فإذا ما نزل حياً فهو إنسان كامل حكمه في الصلاة عليه وغسله وكفنه حكم الكبار. إن السقط قبل الشهور الأربعة لا يبلغ من الحرمة مبلغ الحرمة الإنسانية الكاملة بإجماع ولكن بانتسابه إلى العائلة البشرية فله حرمة ضعيفة تبدو في وجوب دفنه وأن موقع دفنه حبس عليه عند المالكية.
فهل لهذا السقط الذي تدخل الطبيب بآلاته لاقتلاعه من رحم أمه للضرورة هل لهذا السقط من الحرمة ما يمنع الانتفاع بخلايا دماغه لزرعها في دماغ مريض لا أمل في شفائه إلا من تلك الخلايا الغضة القابلة للنمو والالتحام مع الخلايا المجاورة فتعوض الخلايا المدمرة وتنسجم مع الأجزاء السليمة في مجرى الألياف العصبية الناقلة للحس والحركة كما جاء في بحث الأستاذ الدكتور مختار المهدي.
لكن كما جاء في بحثه أيضاً أن الأمر ما يزال يراود الباحثين كأمل يمكن تحقيقه مخبرياً وتطبيقياً لانتفاء المعوقات من نجاحه نظرياً.
إلا أن الاستفادة من الجنين السقط لا تمكن إلا إذا أسرع الجراح بنقل ما يريده من الجنين قبل موته وهي دقائق معدودة.
والحل هو أن يفتح بطن الأم وتؤخذ الخلايا قبل نزعه من الرحم،- ما وجدت أي مانع يمنع من إتمام العملية على هذا الوجه إذا كان ذلك برضا الأبوين ما دام الإجهاض كما بيناه إنما تم في الحدود المأذون فيها- أما الإجهاض غير المأذون فيه شرعا الحرام، فالمبني على الفاسد فاسد، وقد يكون مما يطرح للنظر اشتراط أن يكون الأبوان عند إذنهما يجهلان المستفيد من خلايا الجنين حتى لا تنقلب أرحام الفقيرات معامل للخلايا الجنينية. ومن الفروض العلمية أن تؤثر الخلايا الجنينية في نشاط ما فتر عن قدرات الدماغ ومن الهرمونات للتغلب على داء الوهن من الشيخوخة وقد يكون هذا الفرض أقرب إلى الخيال العلمي منه إلى التوقع بل أنا واثق من ذلك لأن التغلب على الشيخوخة معناه التغلب على الفناء، والإنسان فانٍ مهما حاول أن ينفلت من قبضة القدر المحتوم.