* رابعاً: أن يكون المنقول منه بالغاً رشيداً إلا أن حياته غير محترمة بمعنى أن واهب الحياة رفع الحصانة التي أعطاها لهذا الإنسان الخاص، ونعني المحكوم شرعاً بإعدامه في الحالات المحددة المضبوطة بالكتاب والسنة فلا تدخل في ذلك الأحكام الاستثنائية أو الصور التي هي محل خلاف بين العلماء مثال ذلك القاتل غيره عمداً عدوانا ولم يعف عنه أي واحد من أولياء القتيل {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ} ، فهذا الذي أهدر دمه هل يحل الانتفاع ببعض أجزاء مخه أو جهازه العصبي أو بعض أجهزته وأنسجته؟ هذا الأمر يمكن قياسه على حالة المضطر التي تحدث عنها الفقهاء.
ا- من هو المضطر؟
يجيبنا عن هذا النووي يقول:
واتفقوا على جواز الأكل من الآدمي إذا خاف على نفسه لو لم يأكل من جوع أو ضعف عن المشي وعن الركوب وينقطع عن رفقته ويضيع ونحو ذلك، فلو خاف حدوث مرض مخوف من جنسه فهو كخوف الموت وإن خاف طول المرض فكذلك في أصح القولين.
قال إمام الحرمين: لا يشترط فيما يخافه تيقن وقوعه لو لم يأكل بل يكفي غلبة الظن، قالوا: كما أن المكره على أكل الميتة يباح له أكلها إذا ظن وقوع ما خوف به ولا يشترط أن يعلم ذلك فإنه لا يطلع على الغيب.
٢ - من هو غير المعصوم؟
يجيب النووي أيضاً عن هذا فيقول:
ويجوز له قتل الحربي والمرتد وأكلهما بلا خلاف، وأما الزاني المحصن والمحارب وتارك الصلاة ففيهم وجهان أصحهما وبه قطع إمام الحرمين والمصنف والجمهور يجوز، قال الإمام: لأنا منعنا من قتل هؤلاء تفويضاً إلى السلطان لئلا يفتات عليه، وهذا العذر لا يوجب التحريم عند تحقق ضرورة المضطر.
وأما إذا وجد المضطر من له عليه قصاص فله قتله قصاصاً وأكله سواء حضره السلطان أم لا لما ذكرناه في المسألة قبلها صرح به البغوي وغيره.
٣ - هل يمكن لغير المسلم أن ينتفع من المسلم المهدور دمه؟
يقول النووي أيضاً: ولو كان المضطر ذمياً ووجد مسلما ميتاً ففي حل أكله له وجهان حكاهما البغوي ولم يرجح واحداً منهما، والقياس تحريمه لكمال شرف الإسلام (١) من هذه النصوص يتبين لنا:
ا- أن المضطر يشمل من ظن ظناً قوياً أنه سيهلك أو ظن أنه سيلحقه مرض مخوف أو طول المرض.