للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد كان تعليق الباحث في النهاية على هذه الجراحات بأنها قد أدت إلى تحسين واضح في العلامات المرضية الإكلينيكية لهؤلاء المرضى، وبالذات في ناحية الذاكرة. أما من ناحية احتمال التغير في شخصية أو ذاتية أي مريض تجرى له عملية الزراعة فهو أمر ليس له أساس علمي يبرره. ولكن قد يحدث أن يتم إنتاج هرمون الدوبامين أو غيره بصورة مفرطة قد تؤدي إلى عدم توازن الشخصية وقد ينتج نفس الشيء نتيجة تلف المخ من زيادة نمو الأنسجة داخل المخ والضغط عليه.

ثانياً- العلاج لعبور تلف في مجرى الألياف العصبية الناقلة للحس والحركة:

كان من الأمور المسلم بها طبيًّا منذ زمن طويل أن تلف خلايا وأنسجة الجهاز العصبي المركزي (المخ والنخاع الشوكي) لا يمكن تعويضها والأعصاب التالفة لا تنمو لتصل ما انقطع، وتعيد العمل الوظيفي للجزء التالف، كما يمكن أن يحدث في الأعصاب الطرفية خارج المخ والنخاع الشوكي، وكان هذا ما يلقي ظلاً من اليأس والتشاؤم في علاج الأمراض العصبية ككل.

ولقد أثبتت بعض التجارب، والتي كانت تجرى منذ مدة أنه باستخدام وزراعة بعض الأعصاب الطرفية من نفس الحيوان وزراعتها داخل المخ بجوار الجزء التالف أو المصاب، فإنه يمكن للألياف المصابة النمو من خلال أنابيب الأعصاب الطرفية المزروعة، ولكنه وحتى الآن لم يستطع جعل نهايات الأعصاب النامية أن تتشابك عصبيًّا وتؤدي إلى اتصالات وظيفية مع الأنسجة التي وجهت لها لتعوض ما نتج عن الإصابة أو التلف.

ولكن ظهرت لنا الآن مقدرة الخلايا والأنسجة الجنينية أولاً للبقاء حية بعد زراعتها ثم إمكانياتها في النمو ويظهر لها تشعبات، ثم تتصل بعد ذلك بالاشتباكات العصبية مع الأنسجة العصبية المضيفة، وبالتالي يكون لها المقدرة على تأسيس وتأدية أعمال كهروفسيولوجية أو إفراز الهرمونات العصبية في نهايتها، وقد وجد أيضاً عن طريق البحث والتجربة أن الأنسجة العصبية المزروعة تكون أكثر قابلية للنجاح إذا زرعت في جوار أنسجة أخرى متجانسة معها تركيبيًّا ووظيفيًّا في المخ المضيف، وتزداد كذلك فرص النجاح إذا كان الجزء المجاور للأنسجة المزروعة قد تلف أو أصيب قبيل عملية الزراعة. ومن الممكن أن نتخيل أننا يمكن أن نستفيد من تجارب زراعة الأعصاب الطرفية داخل المخ في نفس الوقت بجوار الأنسجة الجنينية لاحتمال إمكان نقل أطراف الأعصاب الجنينية لتتشابك عصبياً مع الأجزاء المستهدفة من العلاج في الجهاز العصبي المضيف، على سبيل المثال النقل من قشرة المخ الحركية إلى ألياف الحركة في النخاع الشوكي بعيداً عن المرور داخل تشابكات معقدة داخل المخ.

<<  <  ج: ص:  >  >>