(٤) والإجهاض قد يكون تلقائياً أو طبيعياً، وقد يكون غير تلقائي أو غير طبيعي، والمقصود بالإجهاض التلقائي أو الطبيعي خروج الجنين من الرحم لعدم قدرته على النمو والاستمرار لأسباب طبيعية بحتة، فالله سبحانه وتعالى يقول:{وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا}[سورة الحج: الآية ٥] .
فدلالة الآية واضحة على أنه ليس كل جنين يتكون في الرحم يستمر ليخرج طفلاً.
وأما الإجهاض غير الطبيعي أو غير التلقائي فهو الإجهاض الذي يعود لأسباب خارجة عن نمو الجنين نفسه واستمراره في الرحم، إنما يعود لأسباب خارجة أي بفعل فاعل، وهذا الإجهاض قد يتم خطاً وقد يتم عمداً وعدواناً، وهو عندما يتم عمداً وعدواناً قد يكون لغرض الاستفادة من الجنين وقد يكون للاعتداء عليه أو على أمه فحسب.
(٥) والواقع أنه عند التدقيق في مسألة الاستفادة من الأجنة المجهضة فإن الحكم يختلف باختلاف نوع الإجهاض من الأنواع السابقة، وباختلاف المرحلة التي جرى فيها الإجهاض من حياة الجنين في رحم أمه.
فإذا كان الجنين المجهض غير مخلق فلا تتصور الاستفادة من هذا الجنين في مجال زراعة الأعضاء، إنما تتصور الاستفادة منه في العلاج الطبي وفي إجراء التجارب العلمية، أما الجنين المخلق أو المكتمل نموه فإن صور الاستفادة الثلاث متصورة.
فإذا كان الإجهاض قد تم عمداً لأغراض الاستفادة من الجنين في صورها أعلاه فإن الإجهاض نفسه محرم، والاستفادة من الجنين محرمة سداً للذريعة ودرءاً للفساد وتفويتاً لقصد الجاني، وحماية لحياة الجنين.
وأما إذا كان الإجهاض قد تم تلقائياً " أو خطأ أو عمداً" بقصد الاعتداء عليه أو على أمه فحسب دون قصد الاستفادة (١) فلا بد من النظر إلى المرحلة التي وصلها نمو الجنين: فإن كان مكتمل النمو وخرج حياً فلا يجوز المساس به أو الاعتداء عليه وتهديد حياته بأي صورة من الصور وكل فعل من ذلك يعتبر قتلاً له أو شروعاً في قتله، وهو حرام قولاً واحداً.
(١) (١) وواضح حرمة الإجهاض هنا في حالة العمد، ولكن الحديث عن الاستفادة من الجنين.