للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الجصاص: وإنما ذكرنا أنه خلقنا من المضغة والعلقة، كما أخبر أنه خلقنا من النطفة ومن التراب ... ومعلوم أنه حين أخبرنا أنه خلقنا من المضغة والعلقة فقد اقتضى ذلك أن لا يكون الولد نطفة ولا علقة ولا مضغة، لأنه لو كانت العلقة والمضغة والنطفة ولداً لما كان الولد مخلوقاً منها إذ أن ما قد حصل ولداً لا يجوز أن يقال قد خلق منه ولد، وهو نفس ذلك الولد، فثبت بذلك أن المضغة التي لم يستبن فيها خلق الإنسان ليس بولد (١)

(١٤) فإذا كان الخلق الإنساني لم يتم في مرحلة النطفة والعلقة والمضغة فما وضع اللقائح قبل نفخ الروح؟

هذا، وقد ذكر ابن القيم في التبيان في أقسام القرآن وابن حجر العسقلاني في فتح الباري أن علامة نفخ الروح في الجنين هو ظهور الإحساس والحركات العضلية الإرادية، ولا يكون ذلك إلا بتكوين الجهاز العصبي، ولا تظهر بوادره إلا في اليوم الأربعين أو الثاني والأربعين من عمر الجنين (٢)

فابن القيم يقول: (فإنه قيل الجنين قبل نفخ الروح فيه هل كان فيه حركة وإحساس أم لا؟ قيل: كان فيه حركة النمو والاغتذاء كالنبات، ولم تكن حركة نموه واغتذائه بالإرادة. فلما نفخت (الروح) انضمت حركة حسيته وإرادته إلى حركة نموه واغتذائه) (٣)

وقال ابن حجر: (ولا حاجة له (أي الجنين) حينئذ إلى حس ولا حركة إرادية لأنه حينئذ بمنزلة النبات، وإنما يكون له قوة الحس والإرادة عند تعلق النفس به) . فالعلماء يميزون بين الحياة النباتية والحياة الإنسانية، فالأولى فيها النمو والاغتذاء والثانية تتميز بوجود الحس والإرادة أي بتكون الجهاز العصبي.

(١٥) ولكن هل الحياة النباتية محترمة كالحياة الإنسانية؟ لقد بين العلماء أن احترام الحياة الإنسانية أهم وأولى من احترام الحياة النباتية، ولكن هذا لا يعني أن الحياة النباتية غير محترمة.


(١) الجصاص، أحكام القرآن: ٥٨/٥.
(٢) محمد علي البار، التلقيح الصناعي وأطفال الأنابيب، مجلة المجمع، العدد ٢، ١/ ٣٠١ - ٣٠٢.
(٣) ابن القيم، التبيان في أقسام القرآن: ص ٢٥٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>