للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقول الإمام الغزالي: (وليس هذا (أي العزل) كالإجهاض والوأد، لأن ذلك جناية على موجود حاصل، والوجود له مراتب، وأول مراتب الوجود أن تقع النطفة في الرحم وتختلط بماء المرأة وتستعد لقبول الحياة، وإفساد ذلك جناية، فإن صارت نطفة فعلقة كانت الجناية أفحش، وإن نفخ فيه الروح واستوت الخلقة ازدادت الجناية تفاحشاً ... ومنتهى التفاحش في الجناية هي بعد الانفصال حياً) .

(وإنما قلنا مبدأ سبب الوجود من حيث وقوع المني في الرحم لا من حيث الخروج من الإحليل لأن الولد لا يخلق من مني الرجل وحده بل من الزوجين جميعاً) (١)

(١٦) وعدم القول بالغرة لا يعني جواز الاعتداء، لأن الغرة تتعلق بوجود الإنسانية وفي هذه المراحل المتقدمة لم تبدأ الإنسانية، لذا لم تفرض دية الجنين وإن كان الاعتداء حراماً، فجماهير العلماء على تحريم الإجهاض، بمعنى إسقاط الجنين في أي فترة من فترات نموه سواء كان ذلك قبل نفخ الروح أم بعده إلا إذا كان هناك عذر قاهر.

وخالف بعض الحنفية وبعض الشافعية فأجازوا للأم اسقاط ولدها قبل الأربعين يوماً الأولى أي قبل أن يستبين، وقيل قبل المائة والعشرين يوماً الأولى أي قبل نفخ الروح، جاء في حاشية ابن عابدين: (قال في النهر: هل يباح الإسقاط بعد الحمل؟ نعم يباح ما لم يتخلق فيه شيء ولن يكون ذلك إلا بعد المائة والعشرين يوماً، ثم ناقش هذا وذكر أقوال العلماء بكراهية إسقاطه في هذه الفترة، فإن الماء بعدما وقع في الرحم مآله حياة إنسان وبين جواز الإسقاط لعذر ما دام الحمل مضغة أو علقة ولم يخلق له عضو، وقدروا تلك المدة بمائة وعشرين يوماً، وذكر أنه جاز لأنه ليس بآدمي وفيه صيانة الآدمي (٢)


(١) الغزالي، احياء علوم الدين: ٢/ ٦٥.
(٢) انظر حاشية ابن عابدين: ٦/ ٤٢٩ ٠ الدكتورة إيناس عباس إبراهيم، رعاية الطفولة في الشريعة الإسلامية: ص ١٠٩ - ١١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>