للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وزاد الأمر تعقيداً أن التشريح الدقيق أثبت وجود بقايا نسيج مخي متلبسة بجذع المخ، وأن جذع المخ في بعض الأحيان يكتسب القدرة على القيام ببعض وظائف المخ الغائب.

وتنادى بعض الأطباء بالسماح بأخذ الأعضاء من ذلك المولود ولو حياً ما دام أنه وشيك على الموت، ولكن أنى ذلك، والمريض حتى في النزع له حرمته فمن قتله ولو قبل موته بلحظات كان قاتلاً.

وطالب آخرون بأن تعتبر هذه المواليد بذاتها هدراً مباحاً أي أنه ليس لها أهلية وجوب ناقصة كسائر الأجنة ولا هي كسائر المواليد، ولكن ذلك لم يجد سنداً من شريعة أو قانون، فضلاً عن أن التساهل في هذا الأمر قد يكون بداية منزلق، فقد يوسع تحت إلحاح الحاجة إلى الأعضاء ليشمل مواليد أخرى بعاهات أقل فداحة أو بأمراض يتوسم أن تكون، وقد يفضي إلحاح الحاجة أيضاً إلى الفكرة الشيطانية لإقامة مزارع لتفريخ الأجنة عديمة الدماغ بأن يتم التلقيح تحت تأثير مادة كيميائية تنتج هذه العاهة وتندب من تقبل إيواء هذا الحمل في رحمها لحين الميلاد لقاء أجر أو لقاء شكر.

وإزاء كل تلك المحاذير تفتقت أذهان الجراحين في جامعة لومالند بولاية كاليفورنيا عن فكرة جديدة - لن يطالبوا بتغيير التعريف القانوني لموت المخ ولن يمارسوا الغش فيه - إذا قاربت الحامل بالجنين عديم الدماغ موعد ولادتها نقلت إلى المستشفى، وتم توليدها بالجراحة القيصرية ثم يوضع الوليد الحي فوراً بأجهزة الإنعاش ويتم فحصه دوريا حتى يدركه الموت ويكون تشخيص الموت - وموت المخ - إذن صادقا وإن أبقت أجهزة الإنعاش على ظواهر الحياة في جثته، وهنا يكون أخذ أعضائه مباحاً وفي نطاق القانون. وقد أجروا تحت تلك الظروف عملية نقل قلب من وليد عديم الدماغ إلى وليد مصاب بعاهة في قلبه، وكان لهذه العملية صيتها وضجتها على الصعيدين المحلي والعالمي، ونجحت العملية في بادىء الأمر ولكنه كان نجاحاً موقوتاً فقد مات الطفل الذي تلقى القلب بعد فترة من الزمن.

<<  <  ج: ص:  >  >>