والمرأة التي يولد لها مثل هذا المولود تحس ولا شك بالفجيعة وتندب حظها العاثر، ولكن موته ليس فجيعة في عزيز غال كما لو فقدت وليداً صحيحاً سوياً، وربما وجدت الأم بعضاً من عزاء إن أفهمت أن وليدها بطبيعة الحال لا رجاء فيه ولكنها إن أذنت أن يؤخذ عضو من أعضائه لزرعه في طفل آخر محتاج إليه فهو رجاء في دفع موت واستبقاء حياة، وتستجيب أمهات لذلك وما يسري عنهن أن طفلهن عديم الدماغ لم يمت كله بل ظل له عضو حي في جسم طفل آخر، وإن الحمل لم يضع سدى وإنما ساهم في شفاء مريض وإنقاذ حياة.
لكن التجربة - وليس كالتجربة من معلم - سرعان ما كشفت عن أن الأمر في واقعه ليس على ما ينبىء ظاهره من بساطة واستقامة، وبدأت المحاذير الأخلاقية والعملية تبدو واحدة إثر أخرى، فإن شرط موت المخ الذي لا يجوز اقتلاع عضو حيوي إلا به ينص تعريفه على أنه: التوقف الكامل لوظائف المخ بكامله، والوليد الذي نحن بصدده ما زال لديه جذع مخ يؤدي وظيفته، فهو إذن غير ميت فلا يجوز بالتالي اقتلاع قلبه مثلاً، فإذا ترك ليموت تلقائياً فسرعان ما يدب التلف إلى أعضائه الحيوية فلا تعود تصلح للزرع وكذلك الحال إذا ولد ميتاً.
وكان المحذور الأول أن قام من بين الأطباء من يدعو لجعل غياب المخ مساوياً لموت المخ حتى وإن كانت منطقة الجذع حية، ولكن قام الاعتراض على ذلك لأن أخذ عضو حيوي من إنسان حي يعتبر قتلاً فضلاً عن أنه إن شاع بين الناس العلم به فسيفقدون ثقتهم في الأطباء، وسيكف الناس عن الوصية بأعضائهم ويكف الأهالي عن السماح بأخذ عضو من فقيدهم حذر أن يفعلها الأطباء وما زال على قيد الحياة، مما سيكون ضربة لبرامج زراعة الأعضاء من ضحايا الحوادث استناداً إلى تشخيص موت المخ ما دام هذا التشخيص أصبح محل شك الجمهور.
كذلك تبين أن تشخيص موت المخ في الوليد عديم الدماغ من الصعوبة بمكان، فليس في الإمكان القياس الكهربائي لنشاط المخ كما في الكبار، فإن الفصين المخيين غير موجودين، أما الاعتماد على غياب المنعكسات العصبية للعين وهو في الكبار حاسم فلا يعتمد عليه هنا نظراً لتفشي اختلالات شبكية العين والعصب البصري في هذه المواليد لتبدو النتيجة كما في الموت وإن كان على قيد الحياة.