مثلما يحتاج الكبار إلى زراعة عضو حيوي في حالات مرضية بعينها كذلك يحتاج الأطفال الصغار ممن يولدون بعيوب خلقية في عضو حيوي فلا أمل في النجاة والحياة إلا باستبدال عضو جديد بالعضو التالف، وكان التقدم العلمي والتقني في فن جراحة الأطفال حافزاً على خوض غمار عمليات زراعة الأعضاء لهؤلاء المواليد، وكان النجاح فيها مغرياً بالمزيد منها، لولا أن حال دون ذلك شح المصادر وندرة المطلوب بالقياس إلى الطلب على هذه الأعضاء الصغيرة، وجرب الأطباء استخدام أعضاء الحيوانات من قلوب وكلى وأكباد اعتماداً على أن الجهاز المناعي لدى المواليد لم يكتمل بعد فاحتمالات لفظ الزرعة أقل، ولكن التجارب لم تسفر عن النجاح المطلوب والأمل المنشود.
من أجل ذلك بدت فكرة استخدام الوليد عديم الدماغ فرجاً من ضيق ومخرجاً من هم، وبدا أنها سد حاجة وسداد رأي، فهو آدمي كالمريض المستقبل لأعضائه، وهما متشابهان في حجم العضو المنقول، والوليد عديم الدماغ مقضي عليه بالموت إن عاجلاً وإن آجلاً فلا أمل له في حياة ممدودة، وهيأته أن ليس له قبو رأس وليس له فصان مخيان، وإنما له جذع مخ يقوم على الوظائف الحيوية الأساسية من دورة دموية وتنفس بعد الانفصال حيا بالميلاد، ولكنها حياة محدودة موقوتة ثم يموت بعد ساعات أو أيام أو أسابيع، فجذع المخ المكشوف للهواء عرضة للعدوى المتلفة فضلاً عن التلف الناتج عن انضغاطه خلال رحلة الميلاد، وغياب الغدة النخامية وهي جزء من المخ الغائب يفضي إلى انهيار هرموني عام، فالنخامية هي سند الغدد الهرمونية الأخرى، وهو عرضة لعيوب خلقية أخرى قد تكون مستورة ولكنها قتالة، فلا يلبث حتى ينهار جهازه التنفسي والدوري ويفارق الحياة.