كل هذا وغيره تكون فيما بينه فريقاً متألفاً من العلماء ليتعاونوا فيما بينهم فتأتي ثمرات هذا التعاون بتطورات طبية عظيمة لم تكن تحلم بها الإنسانية من قبل وتمخض عن ذلك قطع غيار بشرية لتحل محل الأجهزة الطبيعية التي توقفت عن العمل. فأصبحنا نسمع عن عدسات وعيون صناعية أو تلفزيونية وقلوب ورئات وكلى صناعية وتوصيلات إلكترونية ومفاصل وأطراف صناعية وسبائك معدنية وغير ذلك من أجهزة ومواد تدخل في الجسم البشري كبدائل لتحل محل أعصابه ولحمه وعظمه ومرافقه الحيوية التي يؤدي عطبها إلى موت أكيد، لكن قطع الغيار البشرية أو الصناعية التي أخذت من أسلاك ومعادن وأجهزة كهربائية قد تقوم بوظيفة الجزء المعطوب وتدفع بالجسم إلى مواصلة الحياة وتبعث الأمل في نفوس الملايين من المرضى والمعذبين، وقد جرت سنة الله أن كل شيء يبدأ متواضعاً ثم يتطور إلى الأحسن دائما. وذلك بفضل الأفكار الخلاقة وتقدم فروع العلم المختلفة والتعاون المثمر بين علماء من تخصصات متباينة. ففي بداية القرن العشرين ظهرت إلى حيز الوجود محاولات جادة لإنتاج أسنان صناعية وعيون صناعية وأرجل صناعية وما شابه ذلك إلا أن النوعيات كانت متواضعة ثم تطورت الأمور إلى الأحسن وتحولت اهتمامات العلماء إلى إنتاج قطع الغيار للأعضاء الداخلية الحيوية وتم فعلاً إنتاج أول كلية صناعية في الأربعينات من هذا القرن وتبعها في أوائل الخمسينات أول إنتاج لقلب ورئة صناعيين يستخدمان أثناء إجراء العمليات الجراحية في القلب لفترة محدودة ثم الاستعاضة عن المفاصل الطبيعية التالفة بأخرى معدنية أو خزفية. والآن ظهرت إلى حيز الوجود شركات طبية آخذة بالتنافس لتطوير تلك الأعضاء وجعلها أكثر كفاءة وأطول عمراً وأقل تكلفة وأتقن أداة وواقع الأمر يجد المتتبع لتطور العلوم الطبية في هذا المجال بأن بحوث قطع الغيار البشرية تسير في طريقين إلا أنهما في النهاية يخدمان نفس الهدف، أي تغيير العضو المعطوب بأجزاء أخرى سليمة، فطريق منها يستخدم الأنسجة والأعضاء الطبيعية السليمة من إنسان لزرعها في إنسان آخر يحتاج إليها، والطريق الآخر يعتمد على تصنيع قطع الغيار من خامات مختلفة بحيث تؤدي نفس الهدف ولأطول فترة ممكنة.