هذا ما يقوله العلامة الدكتور الزحيلي في بحثه القيم حول الموضوع والمقدم إلى المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية في الكويت، إلا أنه يستثني من ذلك ما لو تحول العلاج إلى ظاهرة عامة تؤدي إلى تجرؤ اللصوص والمحاربين.
كما يستثني ما لو كان الحد من حقوق العباد وثبت بالشهادة إلا إذا أذن المجني عليه ورضي بذلك، وبدون ذلك ينتفي عنصر المماثلة ويؤدي ذلك إلى مفاسد لا تحمد عقباها، فالعلة في الاستثناء هو المنع من الضغائن.
وفيما عدا ذلك فالحكم هو الجواز، أما في حقوق العباد وقد تم الإثبات بالإقرار فإعادته إليه رجوع عن الإقرار.
وأما في حقوق الله كحد السرقة والحرابة فقد رجح الجواز لأن النص قد استوفى نصيبه ولا سلطان للحاكم بعد تنفيذ الحد، وقد تحققت أهدافه المادية والمعنوية ولا مانع من زراعة العضو من إنسان آخر كما قرر المجمع الفقهي ولأن التوبة تسقط الحدود في مذهب الحنابلة، ولأن في ذلك مصلحة ضرورية، ولأن حقوق الله مبنية على الدرء والإسقاط والمسامحة، وبعد ذلك لا مناص من الرجوع إلى عدالة الإسلام وسماحته.
تقويم الآراء والأدلة:
وإذا شئنا أن نقوم الآراء والأدلة السابقة وصولاً إلى الرأي الحق أمكننا بعد التأمل أن نلاحظ النقاط التالية:
* النقطة الأولى:
من الملاحظ أن بعض الأدلة التي سيقت من أنصار هذا الرأي أو ذاك هي أدلة استحسانية محضة ولا تنهض مطلقاً كدليل شرعي على الرأي وفقاً لقواعد الاستثناء، وهي من قبيل:
(١) الاستدلال على المنع من إعادة العضو بأن هذا العمل استدراك عل حكم الشارع وهذا لا يجوز.
ذلك أن كونه استدراكاً واعتراضاً وإلغاء لحكم الشارع هو أول الكلام إن أريد منه معنى الإلغاء، أما لو أريد منه مجرد عدم الانسجام الأدبي مع الحكم الشرعي فهو مجرد استحسان لا دليل عليه.