٣٩ - وقد راجعت بعض الأطباء الموثوق بهم فأيدوا هذا المعنى، وأكدوا أن إعادة اليد أو الرجل لا تكون ناجحة، ولما كانت إعادة اليد أو الرجل أمراً لا يقع، حتى في زماننا، فالبحث عن حكمه الشرعي بحث نظري بحت لا علاقة له بالواقع
العملي، بخلاف مسألة القصاص، فإنه يمكن أن يبان فيه أي عضو من أعضاء البدن بما فيها الأعضاء الممكن زرعها وإعادتها، فلا يخلو البحث فيها عن فائدة عملية، ولذلك ذكرتها بشيء من البسط والتفصيل.
٤٠ - أما البحث عن مسألة العضو المقطوع في السرقة أو الحرابة، فلا يتعلق بالواقع العملي، فالمناسب أن لا نخوض فيها قبل وقوعها، وكان السلف يكرهون الخوض في مسائل لم تقع بعد، ويقولون:
" لا تعجلوا بالبلاء قبل نزوله ".
٤١ - ولذلك، فلا أرى البحث في هذه المسألة حتى نشاهدها تقع عياناً، ولكني أريد أن أذكر الأصل الذي تبتنى عليه المسألة لو فرضنا أنها وقعت، ليكون مساعداً في استخراج الحكم حينئذ.
وذلك أن المسألة لها منزعان:
٤٢ - المنزع الأول: أن نقيس الحد على القصاص، فنقول: قد ثبت بما أسلفنا في مبحث القصاص أن المختار عند جمهور الفقهاء أن القصاص ينتهي حكمه بإبانة العضو، وليس من جملة القصاص أن يبقى العضو فائتاً إلى الأبد، فكذلك الحد، إذا أقيم مرة بإبانة اليد أو الرجل، انتهت وظيفة الحد، وليس المقصود تفويت اليد أو منفعتها على سبيل الدوام، ولذلك يجوز للسارق والمحارب أن يستعمل يداً أو رجلاً مصنوعة. فلا مانع من أن يزرع يده المقطوعة.