للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما النصوص الشرعية الواردة في إيجاب الحدود وفرضية القصاص فهي معروفة، أذكر منها على سبيل المثال النص الوارد في القرآن الكريم بتشريع حد السرقة، قال الله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٣٨) فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [سورة المائدة: الآيتان ٣٧، ٣٨] .

كما أذكر النص الوارد في القصاص، قال الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ (١٧٨) وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [سورة البقرة: الآيتان ١٧٨، ١٧٩] .

وكان القصاص أيضاً مقرراً مشروعاً في شرائع من قبلنا كشريعة اليهود في التوراة، كما قال الله تعالى: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [سورة المائدة: الآية ٤٥] .

وأما الحكمة من تشريع الحدود والقصاص فهي زجر الناس وردعهم عن اقتراف الجريمة، وصيانة المجتمع عن الفساد والانحراف، والتطهر من آثار الذنب والمعصية أو الفاحشة. ويؤكد الفقهاء جميعاً هذه الحكمة، ويقولون في كتبهم: شرع الحد زاجراً لا متلفاً ويتحقق الانزجار في السرقة بتفويت اليد (١) وسميت الحدود حدوداً لمنعها من ارتكاب الفواحش (٢) قال ابن تيمية: "من رحمة الله سبحانه وتعالى أن شرع العقوبات في الجنايات الواقعة بين الناس بعضهم على بعض في النفوس والأبدان والأعراض والأموال والقتل والجراح والقذف والسرقة.


(١) المبسوط للسرخسي: ٩/١٦٧، ١٦٨.
(٢) كفاية الأخيار لأبي بكر الحصني الشافعي: ٢/٣٣٥، طبع قطر.

<<  <  ج: ص:  >  >>