للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأما إرجاع العضو المقطوع في حد السرقة عن طريق الطب وما وصل إليه العلم الحديث من غراسة الأعضاء التي هي نعمة من الله العليم الخبير، فلا أرى جواز ذلك أخذاً من عمل رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما قطع يد السارق وأمر بأن تعلق في عنقه ليعتبر به غيره ويكون سبباً في تصفية المجتمع من الانحرافات، وكذلك من حديث صفوان بن أمية السابق فالرسول صلى الله عليه وسلم لم يقبل عفو المسروق منه وأمر بقطع السارق ليكون عبرة لغيره، وكذلك سائر الحدود المفروضة من الحق تعالى، فليس جلد الزاني وتغريبه مجرد تعذيب وانتقام، وإنما هو تربية لغيره من الناس ممن تحدثهم أنفسهم بارتكاب نفس الجريمة، وكذلك رجم الزاني المحصن، والقصاص من قاتل النفس، وغير ذلك من أنواع الجرائم التي فرض الله فيها القصاص فهي لردع الظالمين والمفسدين قبل أن تكون نكإلا من الله للمجرم.

ولا شك أن حدود الله هاته يجب تطبيقها وتنفيذها كما أمر الله وفي جميع أقطار الدنيا المسلمة لتتجلى حكمة الله في شريعته، والذي يمعن النظر في مختلف الأقطار الإسلامية اليوم يدرك بوضوح الفرق البين بين قطر يطبق شريعة الله في الحدود والتعازير، وقطر يسير في تيار الأيديلوجيات اللادينية المجلوبة من الغرب الصليبي والشرق الملحد ولا حول ولا قوة إلا بالله.

فبمقدار ما تطبق حدود الله بقدر ما تختفي المنكرات أو تقل، ويسود النظام والاطمئنان في المجتمع الذي يحافظ على تعاليم دينه، وفي مقدمتها حدود الله وصدق الله العظيم: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (١)

والسلام عليكم ورحمة الله ومعذرة عن التأخير.


(١) سورة المائدة: الآية ٣٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>