للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واختلف العلماء فيمن سرق ثم قتل شخصاً قبل أن يقام عليه حد السرقة فقال بعضهم يقطع ثم بعد ذلك يقتل، أي أنه ينفذ عليه حد السرقة أولاً ثم القصاص. وقال آخرون يكتفى بالقتل لأن حد السرقة يدخل في القتل والأول أرجح لأنهما حقان لله مستحقان فيجب استيفاؤهما معاً والله تعالى أعلم وأحكم.

واختلف العلماء هل يجمع بين القطع والغرم، والأصح هو أنه إذا وجد الشيء المسروق أخذه صاحبه فإن لم يوجد فإذا كان السارق موسر اغرم ما سرق وإن كان معدماً اكتفي بقطعه والله أعلم.

وإذا تطوع المسروق منه وعفا عن السارق فلا غرم عليه.

أما القطع فإذا رفعه إلى الإمام أو نائبه فلا بد من تنفيذ القطع لأن إقامة الحد حق لله لأنه من أجل صيانة المجتمع من الوقوع في المفاسد كالسرقة وغيرها.

والدليل على ذلك حديث صفوان بن عبد الله بن صفوان بن أمية أنه قيل له من لم يهاجر هلك، فقدم صفوان بن أمية إلى المدينة مهاجراً فنام في المسجد وتوسد رداءه فجاء سارق فأخذ رداءه فأخذ صفوان السارق فجاء به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تقطع يده، فقال صفوان لم أرد هذا يا رسول الله - هو عليه صدقة - فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((فهلا قبل أن تأتيني به)) .

والحديث يفيد أن الأمر يقتضي حالتين: العفو يصدر من المسروق منه عفواً وقبل الرفع إلى السلطان وبه يتجنب القطع.

والعفو: يأتي بعد تبليغ الأمر للسلطان، وهذا يتناول الشيء المسروق، ولا يوقف تطبيق الحد الذي هو حق لله، فقد قطعت يد سارق الرداء رغم عفو صاحبه صفوان بن أمية.

فأما ثبوت السرقة: فبإقرار الجاني أو بشهادة عدلين وقال جماعة من العلماء إن إقرار العبد بالسرقة لا يوجب القطع لأنه مملوك لسيده وإقراره يؤدي إلى خسارة مالكه بقطعه والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>