للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد ذكرت في تعقيبي على العلماء الذين أباحوا نقل الخصى وزراعتها: أن القضاء الإسلامي احترم شهادة المرأة الواحدة في ما يخص النساء لأنها ذات خبرة بأحوالهم التي لا يطلع عليها سواهن - كالرضاعة والولادة والبكارة - بل قدم القضاء الإسلامي شهادتها على شهادة الرجل في مثل هذه الأحوال.

زراعة الأعضاء المستأصلة في الحدود:

هذه مسألة أثيرت من قبل، وجرى حولها كلام كثير، وأيد كثيرون إعادة اليد المقطوعة في حد السرقة إلى صاحبها رحمة به - بزعمهم -.

والدعوة إلى إباحة زراعة اليد المقطوعة في حد إلى صاحبها دعوة عاطفية لا تستند إلى عقل ولا نقل، وهي وليدة المزاعم القديمة التي يرددها العلمانيون في اتهامهم للحدود الإسلامية بالقسوة والوحشية.

وإذا تأملنا أن قطع يد السارق - أو يد المحارب ورجله من خلاف - إنما أوجبه الله تبارك وتعالى للاعتبار والاتعاظ، وامتناع الآخرين عن تكرار حوادث السرقة، وقطع الطريق، وإرهاب الآمنين.. من أجل تحقيق الطمأنينة والأمان في المجتمع المسلم على الأموال والأنفس والأعراض - إذا تأملنا حقيقة الحكمة من تشريع هذه العقوبات أدركنا أن المطالبة أو الدعوة إلى إعادة يد السارق أو رجل المحارب إليهما بعد قطعهما لا يحقق ما أراده الشارع من زجر للعصاة الخارجين على نظام المجتمع، المثيرين في أرجائه الخوف والرهبة، ومن عظة تمنع الآخرين من مقارفة العدوان نفسه، وما أعظم وأحكم ما وجه إليه القرآن الكريم في مثل قوله: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} ، وقد كانت العرب - في جاهليتها تعرف ذلك حتى إنها أرسلت مثلاً مشهوراً قالت فيه: (القتل أنفى للقتل) ولا داعي لأن نورد الحكمة الإنجليزية القائلة: (لا يفل الحديد إلا الحديد) .

<<  <  ج: ص:  >  >>