للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهذه المصالح المشروعة: الرغبة فيها والسعي إليها فطري في طبيعة البشر، وهي أساسية في بناء الأسرة واستقامة حياتها، وفقدانها يؤدي إلى تنغيص حياة أعضاء الأسرة، وقد يؤدي إلى الشقاق أو إلى الفراق وتصدع كيان الأسرة.

وأما المحاذير التي ذكرت فهي غير كافية لمنع هذه العمليات.

وبيان ذلك كما يلي:

(أ) أما المحذور الأول: وهو ما يتعلق بزرع الأعضاء على وجه العموم: فقد تكفلت الندوات التي عقدتها المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية وبعض ندوات مجمع الفقه الإسلامي، ومجمع البحوث الإسلامية بمعالجة هذا الأمر ووصلت فيه إلى أن الحكم الشرعي الجواز من حيث الجملة. ثم وضعت قاعدة تبين الحكم الشرعي الاجتهادي في ذلك وتضمنت القاعدة شروطاً وضوابط للسيطرة على المحاذير التي يخشى من وقوعها في بعض الحالات.

فما ذكر من شأن هذا المحذور الأول أمر قد تجاوزه نظر الفقهاء المعاصرين، وفرغوا منه، ورأوا أنه لا يجوز أن يحول دون نقل وزراعة الأعضاء والاستفادة مما وصل إليه التقدم الجراحي في هذا المجال.

(ب) أما المحذور الثاني: وهو أن المصالح المبتغاة من زراعة الأعضاء الجنسية لا تدخل في باب الضرورات، فهذا غير مسلم، وقد ذكرنا آنفاً وجه دخوله فيها في بعض الصور، وأما باقي الصور فإن زراعة هذه الأعضاء تكون من قبيل الحاجيات، والحاجات تنزل منزلة الضرورة، حتى لو كان الغرض مجرد التجميل فليس التجميل في هذا الباب من قبيل التكميليات بل هو من قبيل الحاجيات، لأن الحاجي هو ما يكون الإنسان بفقده في ضيق وحرج، وأي ضيق وأي حرج أشد من أن يكون الإنسان فاقداً لعضو من أعضائه، أو فاقدا للغدة التي تنشر الجمال والتناسب على سائر أعضائه، وبفقدانها تنقلب صورته إلى أن يقترب من الجنس الآخر ويفقد خصائص جنسه فإن هذا يجعله في حرج دائم وضيق مستمر ملازم ينغص عليه كل دقائق حياته.

<<  <  ج: ص:  >  >>