(ج) وأما المحذور الثالث والمحذور الرابع والخامس: فإن الجواب عنها ينبنى على الجواب عن سؤال أهم من ذلك وهو:
- ما الحكم الشرعي في الأعضاء المزروعة كالعين والأذن والقلب والكلية وغيرها ... هل هي أعضاء خاصة بالملتقي ولا شأن للمصدر فيها لانقطاع تعلقه بها، أم هي أعضاء خاصة بالمصدر المأخوذة منه؟..
فواضح أننا إن قلنا إنها تابعة للمصدر ومختصة به ورد على عملية الزرع المحاذير الثلاثة المذكورة. وكان كل منها سبباً كافياً لتحريم النقل.
وإن قلنا إنها تابعة للمتلقي ومختصة به، لم ترد المحاذير المذكورة، اذ تكون نسبة الولد إلى المتلقي نسبة صحيحة تامة، والعضو المنقول عضو المتلقي، وقد انقطعت عنه النسبة إلى المصدر، فلا ضير ولا حرمة في استعماله، كالعضو الأصيل.
ونحن نرى أن الوجه الثاني هو الصحيح، وأن العضو المزروع يكون عضواً للمتلقي مختصاً به، وقد انقطعت علاقته بالمصدر انقطاعاً كلياً، بحيث لا ينبني على كونه مصدراً له حكم شرعي.
وإنما صححنا هذا الوجه لأمور:
* الأول: أن العضو المزروع متصل بالمتلقي اتصالاً عضوياً، فهو يأتمر بالأوامر الواصلة إليه من دماغه، ويتألم الشخص بألم ذلك العضو، ويلتذ بلذته، ويصح بصحته، ويمرض بمرضه ويحس بما يطرأ عليه من العوارض، وهو الذي يتضرر بقطعه لو قطع، أو جرحه لو جرح.
أما المصدر فبخلاف ذلك، فلا يأتمر العضو المزروع بأوامر دماغه، ولا يتألم هو بألم ذلك العضو، ولا يلتذ بلذته، ولا يحس بما يطرأ عليه من العوارض، ولا يتضرر بقطعه لو قطع، ولا يمرض بمرضه، ولا يصح بصحته.