للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* الثاني: أن المفروض أن عملية النقل كانت برضا المنقول منه إن كان حياً أو برضا أوليائه إن كان ميتأ، وعلى كل حال فإن ذلك يعتبر تنازلاً عن جميع ماله من الحق في ذلك العضو، سواء قلنا إن الأعضاء ملك لصاحبها أوهي ملك لله مختصة بصاحبها، ففي كلتا الحالتين قد زال اختصاصه بتنازله، لأنه إما هبة مقبوضة تم قبضها بالنقل والالتحام. أو مجرد اختصاص تنازل عنه صاحبه، فما كان من الحق للمصدر انتقل للمتلقي انتقالاً كاملأ، بحيث لو اعتدى المصدر على ذلك العضو عمداً كان المتلقي مستحقاً عليه القصاص لو أمكن. أو الدية، وكذا لو قطع ذلك العضو طرف ثالث، فإن الذي يستحق القصاص أو الدية هو المتلقي دون المصدر، والعضو المؤثر هو عضو المتلقي، أما عضو المصدر فلا أثر له (١)

* الثالث: أن المصدر قد يكون ميتاً، والميت إن كان رجلاً لا يقال إنه يقع منه جماع أو إحبال أو استمتاع، وكذا إن كان امرأة لا ينسب إليها مثل ذلك.

* الرابع: أن الأحكام الشرعية المتعلقة بالعضو المنقول لا تلزم المصدر بل تلزم المتلقي:

فمن ذلك أن المتلقي لليد مثلاً هو الذي يغسلها في وضوئه، ولو توضأ المصدر فليس عليه غسل لليد التي تبرع بها.

ومن ذلك أنه لو طلقت المرأة المتلقية للرحم مثلاً، فإنها هي التي تعتد ولا عدة على المرأة مصدر الرحم.

وأيضاً لو حصل بالجماع الحاصل بعد نقل العضو حمل، فلا تعتد المرأة المنقول منها العضو لو طلقت عدة حامل، فكذا لا ينسب الولد إليها، ولا ترثه ولا يرثها بحال من الأحوال، ولا ينفق عليها ولا تنفق عليه، بل كل تلك الأحكام مرتبطة بالمتلقية.

(لكن لا يعني ذلك جواز أن يتزوجها ذلك الوليد إن كان الرحم في الأصل رحمها أو كان المبيض مبيضها، لأن حرمة الزواج تثبت بأدنى سبب، كما ثبتت بالرضاع، وقد رأى بعض الأئمة أن المصة الواحدة من الرضاع تحرم، فهذا أولى، فحرمة الزواج لها شأن خاص، فليست كغيرها من الأحكام، وذلك أنها من باب المنع بالشبهة، بخلاف العدة والنسب والميراث والنفقة والولاية فإنه لا بد فيها من صحة السبب المثبت) .


(١) على أن بعض الفقهاء رأوا أن العضو المتلقي، لا يستحق القصاص بقطعه، ولا يستحق به دية مثل ذلك العضو لو كان بأصل الخلقة، بل يكون فيه حكومة (أي أرش يقدره أهل الخبرة) وهذه عبارة شرح المنتهى (٣/٢٩٦) : "من جعل مكان سن قلعت بجناية عظما أو سناً أخرى ولو من آدمي فثبتت لم تسقط دية السن المقلوعة كما لو لم يجعل مكانها شيء، وعلى مبين ما ثبت من ذلك الحكومة لأنه ينقص بإبانتهما".

<<  <  ج: ص:  >  >>