أي أخذ (الأجرة) لا (الجعالة) فإن الجعالة: أن يجعل جائز التصرف شيئا معلوما لمن يعمل له عملا معلوما أو مجهولا من مدة معلومة أو مجهولة- فلا يشترط العلم بالعمل ولا المدة ولا تعيين العامل للحاجة.
فهي إذن: التزام مال في مقابلة عمل لا على وجه الإجارة فليس ما هنا مما هنالك إضافة إلى أن الجعالة: عقد جائزمن الطرفين لكل من العاقدين فسخها بخلاف الإجارة فهي عقد لازم ابتداء.
وإن كان وقع في عبارات بعضهم باسم الجعل على الضمان ففي هذا تسامح في التعبير أو على سبيل النزول بمعنى: أنه إذا لم يجز الجعل فالإجارة من باب أولى. وإن كانت الجعالة في معنى الإجارة لكن الجعالة أوسع من باب الإجارة فالجعالة كما علمت في تعريفها فلا يشترط العلم بالعمل ولا المدة ويجوز فسخها من الطرفين بخلاف الإجارة فهي عقد على منفعة أوعين لازم من الطرفين لا يملك أحدهما فسخها.
وعليه فإن جمهور أهل العلم على تقرير عدم الجواز لأخذ العوض على الضمان كما في مجمع الضمانات على مذهب الإمام أبي حنيفة البغدادى ص /٢٨٢. والشرح الكبير للدردير مع حاشية الدسوقي٣\٤٠٤. والشرح الصغير ٣\٢٤٢ والفروع لابن مفلح الحنبلي ٤\٢٠٧، كشاف القناع ٣\٢٦٢.
وغيرها مصرحة بالمنع وعدم الجواز، وجماع تعليلهم للمنع فما يلي:
١- أنه يؤول إلى قرض جر نفعا وجه ذلك: أنه في حال أداء الضامن للمضمون له يكون العوض مقابل هذا الدفع الذي هو بمثابة قرض في ذمة المضمون عنه. وفى خطاب الضمان: أقوى في بعض أحواله لأن المستفيد يستوفي عادة من البنك لا من العميل.
٢- أن هذا العقد مبناه على الإرفاق والتوسعة والإحسان ففي أخذ العوض لقاءه دفع لمقصد الشارع منه.
٣- أنه في بعض حالات الضمان يستوفي المضمون له من المضمون عنه فيكون أخذ الضامن للعوض بلا حق وهذا باطل لأنه من أكل المال بالباطل. وفى خطاب الضمان الابتدائي أو المستندي مثلا يستوفي المضمون له المستفيد من العميل لا من البنك.
وها هنا تنبيهان:
الأول: جرى في القواعد الفقهية قوله: الأجر والضمان لا يجتمعان. وهذه القاعدة ليست مما نحن فيه من أحكام الضمان لأن الضمان هنا يقصد به (ضمان المتلفات) .
الثاني: جرى في القواعد الفقهية لهم قولهم: (ليس كل ما جاز فعله جاز إعطاء العوض عليه) بل فيه ما يجوز كالجعالة على رد الآبق. وما يمتنع كالعوض على الضمان واللهو المباح ونحو ذلك. كما جاء في فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية ٣٠/٢١٥-٢١٦.