للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذهب أحد الباحثين (١) إلى صحة هذا النوع ما دامت الأوراق المالية جائزة التعامل فيها، ويملك المشتري المبيع، والبائع الثمن، حيث يكون ملك المشتري للمبيع بمجرد عقد البيع الصحيح، ولا يتوقف على التقابض، وإن كان للتقابض أثره في الضمان.

وقد استند في قوله هذا على ما جاء في الموسوعة الفقهية، حيث تقول: " ولا يمنع من انتقال الملك في المبيع، أو الثمن كونهما ديونًا ثابتة في الذمة إذا لم يكونا من الأعيان... " (٢) .

غير أن كلام الموسوعة في " الدين " الذي هو مقابل للعين، وهو مصطلح فقهي لا يعني التأجيل، وإنما يعني به: ما لا يتعين بالتعيين ولذلك أوردت الموسوعة مثالًا بعد هذا الكلام مباشرة، فقالت: " كما لو اشترى مقدارًا معلومًا من كمية معينة من الأرز، فإن حصته من تلك الكمية لا تتعين إلَّا بعد التسليم، وكذلك الثمن إذا كان دينًا في الذمة " فليس في الموسوعة أية إشارة إلى جواز عقد يشترط فيه تأجيل الثمن والمثمن إلى وقت التصفية.

ثم استند الباحث على ما أجازه المالكية والحنابلة من جواز اشتراط تأجيل الحق إلى مدة، اعتمادًا على حديث جابر (٣) .

ولكن هؤلاء الفقهاء لم يقولوا – حسب علمنا – بجواز اشتراط الثمن والمثمن معًا، وهذا هو محل النزاع، بل إن المالكية أنفسهم صرحوا بأنه لا يجوز بيع الدين إلَّا إذا كان الثمن نقدًا، وأجازوا للحاجة تأخير رأس مال السلم ثلاثة أيام فقط (٤) أما الحنابلة فقد اشترطوا قبض الثمن في المجلس.

ثم إننا لا نسلم اعتبار الباحث الأسهم من الديون التي لا تتعين بالتعيين، وإنما التحقيق أنها معتبرة بما تمثله من أصول الشركة فهي حصص مشاعة من موجودات الشركة ومعتبرة بها دينًا وعينًا.


(١) د. محمد عبد الغفار: بحثه السابق.
(٢) الموسوعة الفقهية التي تصدرها وزارة الأوقاف الكويتية: ٩/٣٧.
(٣) د. محمد عبد الغفار: بحثه السابق؛ وحديث جابر في صحيح البخاري – مع الفتح -: ٥/٣١٤؛ ومسلم: ٣/١٢٢١.
(٤) حاشية الدسوقي: ٣/٦٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>