والخلاصة: أن الاختيارات بصورها الحالية في البورصات لا نجد لها مبررًا شرعيًّا، ولا تأصيلًا فقهيًّا، بل تصطدم بكثير من قواعد الشرع من حيث وجود المعقود عليه وجودًا حقيقيًّا، أو في الذمة ومن حيث تسليم واحد من الثمن أو المثمن – كما سبق – فهي في الحقيقة وسيلة من الوسائل التي تجذب بها السوق عملاءها من خلال الاعتماد على الحظ والمخاطرة والقمار، وذلك لأن المستثمر قد تكون نيته انتهاز فرصة سانحة له في نظره وتوقعه لحال السوق في المستقبل فيشتري حق الحصول على الأسهم، أو العملة، أو نحوهما، فقد يتحقق ما كان يصبو إليه فيربح ربحًا كثيرًا، وقد لا يتحقق فيخسر خسارة كبيرة، وقد تكون نية المستثمر حماية نفسه من خسارة متوقعة عن طريق إلقاء المخاطرة على طرف آخر وإلزامه بالشراء عند حصول الضرر بثمن يحميه من الخسارة التي نتجت عن انخفاض الأسعار، لذلك فالاختيارات لا تعتبر من العقود الصحيحة، بل هي باطلة في نظرنا لعدم وجود مال مخصوص يكون معقودًا عليه، جاء في البيان الختامي لندوة الأسواق المالية:" وواضح أن محل العقد هو التزام، أو تعهد مجرد ... وسواء سمى التزامًا شخصيًّا يترتب عليه حق شخصي، أو قلنا: إنه حق مال كالدين فإنه لا يجوز العوض عنه، فمحل العقد أو الالتزام تعهد أو التزام من طرف يبيع، أو يشتري، وثمن من الطرف الآخر ... وليس محل العقد (الشيء المبيع) هو الأوراق المالية التي تعهد أحد العاقدين بشرائها، أو بيعها وليس هناك عقد (إيجاب أو قبول) في وقت العقد على البيع أو الشراء وعلى فرض أن هناك عقدًا على هذا المحل فهو بيع (عقد تمليك) معلق على شرط ... مضاف إلى زمن مستقبل "(١) .
(١) المراجعة السابقة، ويراجع: البيان الختامي والتوصيات لندوة الأسواق المالية من الوجهة الإسلامية؛ والمنعقدة بالرباط في ٢٠ – ٢٥ ربيع الآخر ١٤١٠هـ.