للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بيع الديون وتداولها في أسواق المال:

انتشرت في أسواق المال ١٩٦٨ فكرة تداول الديون، ولا سيما الديون الطويلة الأجل وقليلة السيولة، وذلك من خلال بيعها إلى مالك جديد يقوم بعد شرائها بقبض أقساط التسديد والفوائد المترتبة عليها، وقد أمكن عن طريق تداولها تحويل هذه الديون إلى أصول سائلة.

وفي جميع الحالات تجعل هذه الديون على شكل عقود نمطية حيث يصدرها الدائن مع فوائدها على شكل أدوات قابلة للتداول، وموزعة على مجموعات متشابهة في مقدار المخاطرة، وتواريخ استحقاقها، ومعدلات الفوائد (١) .

الحكم الشرعي لهذا النوع والبديل:

إن الحكم الشرعي لهذا النوع بصورته المالية المتضمنة للفوائد هو الحرمة، لوجود الربا فيه، وليس لأنه من باب بيع الدين بالدين، لأن هذا العقد يتضمن بيع الدين بالنقد وليس بالدين – كما سبق -.

البديل عنه:

إذا جردنا هذا النوع من الفوائد والمحظورات الشرعية، فيمكن أن يحل بعض صيغة الحوالة التي تعني نقل الدين من مدين إلى مدين آخر، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا أحيل أحدكم على مليئ فليحتل)) (٢) . ولكن الحوالة – كما لا يخفى – تقتضي نقل الدين من مدين إلى آخر (٣) . وهذا العقد عبارة عن بيع من الدائن لآخر غير مدين، كما أنه يعاد بيعه في أكثر الأحوال ويتعامل معه كسلعة في السوق، ولذلك لا يمكن قياسه على الحوالة، وهل هو عقد جديد؟


(١) د. محمد القري: بحثه السابق.
(٢) الحديث متفق عليه، وله روايات وطرق كثيرة، انظر: صحيح البخاري – مع الفتح -: ٤/٤٦٤؛ ومسلم: ٣/١١٩٧؛ وسنن أبي داود – مع العون: ٩/١٩٥؛ والترمذي – مع التحفة: ٤/٥٣٥؛ وابن ماجه: ٢/٨٠٣؛ والسنن الكبرى: ٦/٧٠؛ والنسائي: ٧/٢٧٨؛ ومسند أحمد: ٢/٤٦٣؛ والأم: ٣/٢٠٣؛ و " فليحتل " أي فليتبع.
(٣) قال ابن قدامة في المغني: ٤/٥٧٩؛ " الحوالة إنما تكون بدين على دين".

<<  <  ج: ص:  >  >>