للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نعم، وحينئذ هل يحكم بصحته حتى لو جرد من الفوائد؟ الذي يظهر لنا هو أنه يتضمن بيع نقود (لم تقبض وليست في حيازة الدائن) بنقل معجل حال، فيتضمن حينئذٍ عدم التقابض بين النقدين، وهذا لا يجوز بالاتفاق لاشتراط التقابض بالاتفاق (١) ، غير أنه يجوز التنازل في الديون بأن يحل شخص آخر محل الدائن برضا الاثنين، فيعطيه دينه بالكامل، وكذلك أجاز بعض الفقهاء الضمان بدون إذن المدين أيضًا، فيعطي الضامن حينئذٍ المبلغ المطلوب إلى الدائن، ويصبح هو دائنًا له (٢) .

وفي كل هذه الأحوال لا يجوز فيها النقص مقابل الأجل، وهذا ما عليه جماهير العلماء غير أن بعض الفقهاء – منهم النخعي وأبو ثور وهو مروي عن ابن عباس – أجازوا ذلك وهي مسألة مشهورة بين الفقهاء باسم " ضع وتعجل " حيث كيفوا المسألة على أساس التنازل " فالدائن أخذ بعض حقه وترك بعضه برضا فجاز كما لو كان الدين حالًا " (٣) غير أن الراجح هو قول الجمهور – وليس مجال تفصيله هنا.

ويوجد حل آخر وهو إجراء المصارفة في الذمة، حيث أجاز جماعة من الفقهاء – منهم أبو حنيفة ووجه الحنابلة – أن يعطي شخص آخر نقدًا آخر غير النقد الذي هو دين قال ابن قدامة: " فإن كان المقضي الذي في الذمة مؤجلًا فقد توقف أحمد فيه، وقال القاضي: (يحتمل وجهين) الوجه الثاني: الجوار وهو قول أبي حنيفة، لأنه ثابت في الذمة بمنزلة المقبوض، فكأنه رضي بتعجيل المؤجل، والصحيح الجواز إذا قضاه بسعر يومها (٤) .


(١) المغني: ٤/٥٩، حيث نقل الإجماع عن ابن المنذر.
(٢) المغني: ٤/٥٩١ – ٦٠٧، وقال: " فمتى أدى رجع عليه، سواء قال: اضمن عني، أو لم يقل " وهذا رأي مالك، وإسحاق ورواية عن أحمد: ويراجع القوانين الفقهية: ص٣٢٠.
(٣) يراجع: المغني، لابن قدامة: ٤/٥٦.
(٤) المغني، لابن قدامة: ٤/٥٥ – ٥٦؛ وحاشية ابن عابدين: ٤/١٧٣ – ١٧٦، وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>