للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التكييف الفِقهي للعَوض في حَقّ الاختِيار

إن الذي دفع ثمن الخيار هو قد أخذ في مقابله التزامًا من المدفوع إليه بإنجاز صفقة في أجل محدد – فهو في الحقيقة شراء التزام في الذمة، والالتزام حق والحق لا يقبل المعاوضة، يقول ابن عابدين: وبيع الحقوق بانفراده لا يجوز (١)

وقال في البدائع: الحقوق المفردة لا تحتمل التمليك ولا يجوز الصلح عنها، أقول: ولا تضمن بالإتلاف، قال في شرح الزيادات للسرخسي: وإتلاف مجرد الحق لا يوجب الضمان، لأن الاعتياض عن مجرد الحق باطل، إلَّا إذا فوت حقًّا مؤكدًا فإنه يلحق بتفويت حقيقة الملك في حق الضمان كحق المرتهن (٢) ، ولأن الفقهاء يكادون يجمعون على أن المعقود عليه لا بدَّ أن يكون مالًا متقومًا وحق البيع أو حق الشراء ليس مالًا متقومًا.

وأقرب تصوير للتعامل في الخيارات هو أنه توسع في صور القمار واستنباط طرق جديدة تمكن من الحصول على الكسب، أو تحمل الخسارة تبعًا للحظ المساعد أو الكاسد، وتبدو المقامرة أوضح في بعض صور التعامل في الخيارات فهي مقامرة مكشوفة في خيارات المؤشرات، وهي ربا في الأوراق النقدية، لأن المشتري للعملة بسعر محدد بواسطة شراء خيار هو قد أمضى عقدًا موضوعه نقود من هذا ونقود من ذاك بقيمة محددة لمدة معينة، صرف إلى أجل، والصرف إلى أجل حرام، وفيه ثانيًا تعمير ذمتين في صورة اختيار المشتري لتنفيذ العقد فإن البائع ملتزم ببيع الدولار مثلًا بثلاث ريالات والمشتري يقوم بحقه هذا الذي هو أيضًا متعلق بذمته.


(١) رد المحتار ٤/١١٨
(٢) رد المحتار: ٤/١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>