للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومثل ابن عابدين للحقوق المجردة بحق الشفعة، وحق القسم للزوجة، وحق الخيار في النكاح للمخيرة، وحق صاحب الوظيفة في الأوقاف من إمامةٍ وخطابةٍ وأذانٍ ... إلخ، وذكر اتفاق الحنفية على عدم جواز الاعتياض عن حق الشفعة، واختلافهم في جواز الاعتياض عن الوظائف.

والذي يظهر لي أن اعتبار حق الاختيار من قبيل الحقوق المجردة التي يتحدث عنها الفقهاء غير سليم، لأن الحق المجرد الذي يتحدَّث عنه الفقهاء هو حق ثبت لصاحبه بوجه شرعي صحيح، كما هو واضح من الأمثلة، ويريد صاحبه أن يعتاض عنه، وحق الاختيار ليس من هذا القبيل، لأنه ليس حقًّا ثابتًا لأحد، وإنما يريد أحد العاقدين أن ينشئه للآخر، ويبدو لي أن العوض في عقد الاختيار ليس مقابل حق الاختيار، وإنما هو مقابل التزام أحد الطرفين للآخر، ويقابل هذا الالتزام ثبوت حق للطرف الآخر، فحقيقة اختيار الشراء هو أن البائع يلتزم للمشتري ببيع شيء موصوف، في وقت محدد، بثمن محدد، يدفعه له عند الاتفاق مقابل هذا الالتزام، ويترتب على التزام البائع ثبوت حق للمشتري في الشراء.

إذا صح هذا التكييف فإن السؤال ينبغي أن يكون: هل يصلح مجرد الالتزام بالبيع محلًّا للعقد ويجوز الاعتياض عنه؟

والجواب: لا يصلح.

قد يقال إن المشتري عندما يبيع الاختيار الذي ثبت له بمقتضى التزام البائع يكون قد باع حقًّا ثابتًا له مثل حق الشفعة، وهذا القول يكون صحيحًا لو أن الاختيار ثبت للمشتري بطريق مشروع مثل ثبوت حق الشفعة، وهذا غير متحقق.

***

س٥: إذا جرى عقد الاختيار من خلال هيئة ضامنة، فما التكييف الشرعي لدور هذه الهيئة؟ وما حكم هذا الضمان؟

لا معنى للبحث عن جواب هذا السؤال إلَّا إذا حكمنا بجواز عقد الاختيار، ولهذا سأجيب عنه على افتراض الجواز.

<<  <  ج: ص:  >  >>