ولتحقيق المباينة بين محل الاختيار ومحل الصفقة الآجلة التي تأتي بعد الاختيار خلال الفترة المحددة فإن التأمل يدل على أن هناك تصرفين: أولهما قد اكتمل وجوده بالإيجاب والقبول، والمحل فيه هو حق الشراء أو حق البيع تبعًا لنوعي الاختيار، وبعدئذ قد يأتي التصرف الثاني بالشراء، أو البيع فعلًا، والمحل فيه هو الأسهم (مثلًا) . وقد لا يحصل الشراء أو البيع وإنما يصار إلى إهمال حق الاختيار والتخلي عن استعماله إذا كان استعماله يزيد خسارة صاحبه، كما قد يصار إلى نقل حق الاختيار من صاحبه إلى غيره بعوض.
والتصرف الأول مكتمل الصيغة، بصدور إيجاب من أحد الطرفين (بائعًا للاختيار، أو مشتريًا، لأن الإيجاب ما يصدر أولًا من الإرادتين) وقبول من الآخر، وبذلك يثبت حق الاختيار ويلزم ثمن الاختيار.
أما التصرف الثاني فقد حصل شطره فقط وهو الإيجاب من أحد الطرفين وثبت للطرف الآخر حق القبول (أو خيار القبول حسب التعبير الفقهي) ففي اختيار الطلب أو الشراء صدر إيجاب من مالك الأسهم (البائع) التزم به بالبيع، وصار للمشتري حق شراء الأسهم أو عدم شرائها. وفي اختيار الدفع أو البيع صدر إيجاب من الراغب في استملاك الأسهم (بحسب الظاهر، لأن التملك للأسهم ليس موجودًا حقيقة) وبه التزم بالشراء وصار لمالك الأسهم (البائع) حق القبول (خيار القبول) بأن يبيع أو لا يبيع.
وهذان الإيجابان في الاختيارين ثابتان اقتضاء تبعًا لثبوت الاختيار، وهما لم يحصلا مجانًا بل بالثمن المدفوع لقاء الاختيار.
كما أن هذا الإيجاب (الضمني) بالشراء أو بالبيع قابل للنقل إلى الغير مع نقل الاختيار تلقائيًّا. إذا لم يرغب من له الاختيار في ممارسة حقه. إذ يبيع ذلك الحق أي ينقله بعوض فينتقل معه حق القبول (خيار القبول) ويصير لطرف جديد بعد خروج ناقل الاختيار من العملية تمامًا.