للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما حكمها الشرعي، فكل من له إلمام بقواعد الشريعة ومصالحها، لا يشك بعد النظر في تفاصيل هذه العملية أنها عملية محرمة شرعًا، ومصادمةً لعدة أحكام الشريعة الغرّاء.

أمَّا أولًا، فلأنه بيع لما لا يملكه الإنسان، وقد روى حكيم بن حزام رضي الله تعالى عنه قال: قلت يا رسول الله: إنَّ الرجل ليأتيني فيريد مني البيع، وليس عندي ما يطلب، أفأبيع منه ثم أبتاعه من السوق؟ قال: ((لا تبع ما ليس عندك)) [أخرجه النسائي والترمذي وأبو داود] (١) .

أما البيوع اللاحقة التي تتم خلال مدة التسليم، فإنها بيوع تتم قبل قبض السلعة المبيعة، وقد روى ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

((من اشترى طعامًا، فلا يبعه حتى يستوفيه)) [أخرجه البخاري ومسلم] .

وقد حاول بعض الناس تخريج جواز هذه العملية على أساس بيع السلم، ولكن ذلك لا يصح إطلاقًا، لأسباب آتية:

١- يجب في السلم شرعًا أن يعجل الثمن بكامله، وهو الذي يسمى " رأس مال السلم " قال ابن قدامة رحمه الله في بيان شرائط صحة السلم:

"ويقبض الثمن كاملًا وقت السلم قبل التفرق، هذا الشرط السادس، وهو أن يقبض رأس مال السلم في مجلس العقد، فإن تفرقا قبل ذلك بطل العقد، وبهذا قال أبو حنيفة والشافعي، وقال مالك يجوز أن يتأخر قبضه يومين وثلاثة وأكثر ما لم يكن ذلك شرطًا، لأنه معاوضة لا يخرج بتأخير قبضه من أن يكون سلمًا، فأشبه ما لو تأخر إلى آخر المجلس. ولنا أنه عقد معاوضة لا يجوز فيه شرط تأخير العوض المطلق، فلا يجوز التفرق فيه قبل القبض كالصرف" (٢) .


(١) جامع الأصول ١/٤٥٧.
(٢) المغني، لابن قدامة: ٤/٣٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>