للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كل واحد منهما في مال الثاني؛ فإن فعليهما عمدان.

فأما إذا اصطدما مقبلين، ولم يعتمدا الصدمة، ولكن [اتفق الاصطدام] (١) فهذا ملتحق بشبه العمد، فأما الإهدار في النصفين، فعلى ما قدمنا، ويجب نصف دية كل واحد منهما مغلظاً على عاقلة صاحبه.

فأما إذا اصطدما مدبرَيْن ولم يشعر أحدهما بصاحبه، ولكن كانت الدابتان ترجعان القهقرى، فاتفق اصطدامهما، فهذا ملتحق بالخطأ المحض. أما الإهدار في النصفين فعلى ما مضى، ونصف دية كل واحد منهما مخففاً على عاقلة صاحبه.

هذا بيان الأحوال.

واصطدام الأعمش كاصطدام المدبرَيْن، واصطدام البصيرين في جنح الليل يشابه اصطدامَ الأعمش إن كان لا يبصر أحدُهما صاحبه.

والغرض مما ذكرناه التنبيهُ على الفصل بين العمد، والخطأ، وشبه العمد.

١٠٧١٤ - والنوع الثالث [من] (٢) الكلام فيه إذا غلبت الدابّةُ راكبها، وجرى الاصطدام وهما [مغلوبان] (٣)، ففي المسألة قولان: أحدهما - أنه لا حكم لفعلهما، وإذا هلكا وهلكت دابتاهما، كان بمثابة ما لو هلكا بآفة سماوية، ولا ضمان، ولا تراجع.

والقول الثاني - أن حكم فعليهما غيرُ منفي؛ فإنهما نُسبا إلى ركوب الدابتين، وهذا لا ينحط عن حفر البئر في محل العدوان، فإن قلنا: لا حكم لفعليهما، فلا ضمان عليهما، ولا على عواقلهما، وإن حكمنا بأن لفعليهما حكماً، فنجعل الاصطدام بلا اختيار بمثابة الخطأ المحض.

١٠٧١٥ - ثم قال الشافعي رضي الله عنه والأصحابُ: إذا فرض الاصطدام، فسقط


(١) في الأصل: "اتفق الأصحاب اصطدام" ويبدو أن الناسخ أقحم لفظ (الأصحاب) من ذاكرته لما وجد أنه يسند إليه (اتفق) عادة.
(٢) في الأصل: "في".
(٣) في الأضل: "معلومان".