هنا: ابن جريج (المتوفى ١٥٠ هـ/ ٧٦٧ م) فى مكة، ومعمر بن راشد (المتوفى ١٥٣ هـ/ ٧٧٠ م) فى اليمن، وهشام بن حسان (المتوفى ١٤٨ هـ/ ٧٦٥ م)، وسعيد بن أبى عروبة فى البصرة، وسفيان الثورى فى الكوفة. وأقدم الكتب التى وصلت إلينا من تلك الفترة هى:
«الجامع» لمعمر بن راشد و «كتاب المناسك» لقتاده برواية سعيد بن أبى عروبة، و «الجامع» لربيع بن حبيب البصرى (المتوفى نحو ١٦٠ هـ/ ٧٧٦ م).
ونود بعد هذا التمهيد العام أن نبحث الحديث، أو الرواية الإسلامية من حيث الشكل. وهذا فى غاية الأهمية بالنسبة لدراسة القرون الأولى من التراثالإسلامى، إذ إن هنا نقطة البداية التى يلزم أن ننطلق منها لنستطيع تقويم الأخبار التى وصلت إلينا فى المجالات المختلفة تقويما تاريخيا صحيحا.
ونود عند بحث القضايا المطروحة أن نهتم اهتماما خاصا بأحد جوانب علم الحديث ألا وهو تحمّل العلم، أى طرق تلقى العلم. فلهذا الجانب سمة مميزة تنفرد بها الحضارة الإسلامية، لا نعرف لها فى الحضارات الأخرى شبيها، وهذا هو السبب الأساسى لما حدث من سوء فهم فى الدراسات الحديثة.
فى كتب مصطلح الحديث ينقسم تحمّل العلم بصفة عامة إلى ثمانية أنواع، سمّيت ووصفت على النحو التالى:
١ - السّماع: وذلك بأن يسمع التلميذ أو السامع الروايات التى/ يلقيها الشيخ من حافظته، أو يقرأها من كتابه. ومثل هذه المقتبسات يقدم لها بألفاظ مثل «سمعت عن» أو «حدثنى». (سنعود إلى الاستخدام الاصطلاحى لهذه التسمية «ألفاظ» تفصيلا، ولكنا نذكرها هنا توخّيا للشمول).
٢ - القراءة: وذلك بأن يقرأ التلميذ أو غيره حديثا واحدا، أو عددا من الأحاديث من كتاب، أو يلقيها من حافظته على الشيخ، والشيخ منصت يقارن ما يلقى بما فى نسخته، أو بما وعته حافظته. ويقدم لهذه المقتبسات بألفاظ مثل «أخبرنى» أو «قرأت على ... »