للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لذلك بأنه تجنب الكتاب والورق (٢٠٠) غير صحيحة. فالواقع أن وكيعا كتب الكتب، وأن أحمد بن حنبل أوصى قائلا: «عليكم بمصنفات وكيع». وهذه العبارة واردة فى نفس الترجمة وفى نفس المصدر (٢٠١) وفيما بعد عرف أيضا جولدتسيهر أن أحمد ابن حنبل قد أفاد من مصنف لوكيع (٢٠٢)، حتى إن بعض أحاديثه وصلت إلينا أيضا (٢٠٣) وفوق هذا فإن أبا نواس أشاد فى رثائه لخلف الأحمر مادحا إياه قائلا: «ولا يكون إسناده عن الصحف (٢٠٤). فلا يجوز أن نفهم هذا على أن خلفا تجنب الورق والكتاب (٢٠٥) فالواقع أن أبا نواس وهو الذى كان أيضا على دراية بالحديث (٢٠٦) كان يعنى أن خلفا لم يأخذ الكتب إلا بطريق السماع والقراءة.

ومن الحقائق المعروفة أن المحدثين وسائر المسلمين قد اجتهدوا في حفظ القرآن الكريم وأكبر قدر/ ممكن من الأحاديث. ولكن هذا لا يجوز أن يفسر بأنهم استغنوا عن الكتب ولم يكونوا بحاجة إلى الأصول المكتوبة، فقد كانت للقرآن الكريم مئات النسخ من المصاحف.

وعن هؤلاء المحدثين الذين كانوا يعتزون بقدرتهم على رواية الحديث من صدورهم نعلم أيضا أنه كانت لديهم كتب أو أصول مدونة. ويروى سفيان بن عيينة (١٠٧ هـ/ ٧٢٥ م- ١٩٦ هـ/ ٨١٢ م) أن زهير بن معاوية الجعفى (المتوفى ١٧٣ هـ/ ٧٨٩ م) قال له: «أخرج كتبك». فقلت «أنا أحفظ منكتبى» (٢٠٧). أهدى سفيان هذا كتاب على بن زيد بن عبد الله بن جدعان (المتوفى ١٢٧ هـ/ ٧٤٤ م). وعند ما سئل عن سبب ذلك ذكر


(٢٠٠) جولدتسيهر: دراسات إسلامية I.Goldziher ,Muh.Stud.II ,١٩٧.
(٢٠١) التهذيب لابن حجر ١١/ ١٢٦
(٢٠٢) جولدتسيهر I.Goldziher ,in: ZDMG ٥٠ ,١٨٩٦ /١٤٦٩
(٢٠٣) انظر الأصل الألمانى ٩٥
(٢٠٤) آلورد: خلف الأحمر Ahlwardt ,Chalaf ٤١٦
(٢٠٥) جولدتسيهر: دراسات إسلامية Goldziher ,Muh.Stud.II ,١٩٧
(٢٠٦) تهذيب ابن عساكر ٤/ ٢٥٥، ٢٦٦
(٢٠٧) التهذيب لابن حجر ٤/ ١٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>