للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنه قد حفظه حفظا لا ينسى معه مضمونه. (٢٠٨) أما محمد بن بشار (المتوفى ٢٥٢ هـ/ ٨٦٦ م) - وهو من أصغر شيوخ البخارى فقد حفظ الأحاديث ورواها حفظا ولكن البخارى روى عنه بطريق المكاتبة (٢٠٩) الأمر الذى يشترط وجود كتاب. وذكر الخطيب البغدادى أن على بن المدينى (المتوفى ٢٣٤ هـ/ ٨٤٨ م) كان قد حفظ أحاديثه حفظا. وفى نفس الوقت روى الخطيب أن عليا بن المدينى يمسى مفكرا فى حديث من الأحاديث، يستيقظ يبحث عنه فى مدوناته (٢١٠). وإذا بحثنا كتب الحديث من وجهة النظر الصحيحة فإننا نجد لدى كل محدث تقريبا كتابا أو كتبا، فى حين أن لقب «صاحب حفظ» كان يعطى. لبيان منزلته، ووصف مرة أبو زرعة وأبو حاتم الإمام مالك بأنه «صاحب كتاب وصاحب حفظ» على عكس «أصحاب الكتب»، الذين لا يحفظون أحاديثهم (٢١١) وكثيرا ما وقع الرواة من الذاكرة فى أخطاء فقد جاء أيوب بن عتبة (المتوفى ١٦٠ هـ/ ٧٧٦ م) يوما ما إلى بغداد، وروى هنا من ذاكرته، فوقع فى كثير من الأخطاء، ومع هذا فمن المؤكد أن كتبه تخلوا من الخطأ (٢١٢) وكان أبو داود الطيالسى (المتوفى ٢٠٣ هـ/ ٨١٨ م)، وهو محدث طبقت شهرته الآفاق، ذا ذاكرة أثارت الإعجاب- جاء إلى بغداد وقيل إنه روى بها أكثر من مائة ألف حديث، وبعد عودته/ إلى البصرة كتب إلى بغداد أنه وقع فى سبعين خطأ لا بد أن تصحح (٢١٣) قال ابن حبان: «دخل محمد بن إبراهيم بن مسلم البغدادى (المتوفى ٢٧٣ هـ/ ٨٨٦ م) مصر فحدثهم من حفظه من غير كتاب بأشياء أخطأ فيها، فلا يعجبنى الاحتجاج بخبره، إلا بما حدث من كتابه» (٢١٤) وسأل ابن أبى حاتم أباه عن إسناد فيه نظر ورد لحديث رواه سعدان عن يونس بن يزيد الأيلى (المتوفى ١٥٢ هـ/ ٧٦٩ م) عن الزهرى عن قبيصة. قال والده بأنه يشك فى أن هذا الحديث روى عن قبيصة، ويرى أن


(٢٠٨) التقدمة لابن أبى حاتم ٤٧، انظر: التهذيب لابن حجر ٧/ ٣٢٣
(٢٠٩) التهذيب لابن حجر ٩/ ٧٢
(٢١٠) تاريخ بغداد ١١/ ٤٦٣، ٤٦٤
(٢١١) العلل لابن أبى حاتم ١/ ٣٢
(٢١٢) العلل لابن أبى حاتم ٤٠٠، التهذيب لابن حجر ١/ ٤٠٩
(٢١٣) التهذيب لابن حجر ٤/ ١٨٦
(٢١٤) التهذيب لابن حجر ٩/ ١٥ - ١٦

<<  <  ج: ص:  >  >>