للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سعدان سمعه من يونس بمكة أو المدينة ويونس لم تكن معه كتبه (٢١٥) وكان سائر المحدثين يلاحظون بسهولة اختلاف الأحاديث المروية من الذاكرة والأخرى المروية عن نص مدون. قال ابن حنبل فى غموض اسم أحد الرواة: حدثنا به زيد بن الحباب (المتوفى ٢٣٠ هـ/ ٨٤٤ م) من كتابه «نمران» ومن حفظه «نمار» (٢١٦) وقال يحيى بن سعيد (المتوفى ١٩٧ هـ/ ٨١٢ م) فى رواية إسنادها ابن جريح (المتوفى ١٥٠ هـ/ ٧٦٧ م) عن عطاءعن ابن عباس، إنه حدثه من ذاكرته: «حدثنا عطاء عن ابن عباس» ولكن كتابه ذكر الإسناد على نحو آخر: «حدثت عن سعيد بن جبير، وقال عطاء عن ابن عباس» (٢١٧) وكان العرف قد استقر على ضرورة مراجعة الرواية على كتاب، إن كان الشيخ يقدمها حفظا، أو إن كان لا يتابع المقروء فى كتاب بيده (٢١٨).

وعند ما كف بصر أبى بكر عبد الله بن أبى داود السجستانى (المتوفى ٣١٦ هـ/ ٩٢٨ م) وكان ذا ذاكرة ممتازة، أخذ يملى أحاديثه من الذاكرة. فكان يجلس على المنبر وابنه على السلم- أدناه بدرجة- ممسكا بكتاب فى يده، ذاكرا الأحاديث المختلفة ويلقيها أبوه بعد ذلك (٢١٩). وعلى كل حال، فقد كانت العادة المألوفة فى الرواية التى تعتمد على الذاكرة وحدها أن تضاف عبارة: «إملاء من حفظه» (٢٢٠) وهذا أمر استثنائى/.

وينبغى أن نناقش من طرق التحمل المذكورة طريقة «الكتابة» أو «المكاتبة» مناقشة خاصة، لأنها- كما يبدو- كانت السبب الرئيسى فى ظهور تصور خاطئ فى الدراسات الحديثة. لاحظ شبرنجر فى تاريخ الطبرى كثرة ورود عبارة «كتب إلى»


(٢١٥) العلل لابن أبى حاتم ١/ ٣١٧
(٢١٦) العلل لابن حنبل ١/ ١٧.
(٢١٧) التقدمة لابن أبى حاتم ٢٣٨
(٢١٨) يقول السيوطى فى تدريب الراوى ١٣٣: «إذا كان أصل الشيخ حال القراءة عليه بيد شخص موثوق به غير الشيخ، مراع لما يقرأ، أهل له، فإن حفظ الشيخ ما يقرأ عليه فهو كإمساكه أصله بيده».
(٢١٩) التذكرة للذهبى ٧٦٩
(٢٢٠) تاريخ بغداد ٤/ ٩٢، وهناك مثال آخر: حدثنى عبد الله بن محمد قال: أملى علىّ هشام بن يوسف من حفظه:
أخبرنا معمر عن الزهرى، (انظر البخارى ٥/ ١٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>