للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«وأمثالها. ودون معرفة دقيقة بعلم أصول الحديث فقد فهم مثل هذه الأخبار على أنها نصوص مدونة (٢٢١). وعلى الرغم من هذا التفسير الذى يكاد يكون صحيحا، لم تصل الدراسات المتأخرة إلى المعنى الصحيح، فالأمر ليس مراسلات بل «مكاتبة» بالمعنى الاصطلاحى. وقد وجدت المرويات التى بها عبارة «من كتابه» مزيدا من العناية، فقد ساد الاعتقاد فى هذه الحالات أن المؤلف أفاد من الكتب. وهنا بالذات يتضح التصور الخاطئ بأن سائر المرويات التى تأتى تالية لعبارات أخرى لا بد أن تشير إلى مصادر شفوية. ونود أن نذكر هنا ثلاثة أمثلة: فقد ذكر جولدتسيهر- إذ لفت نظره مثل هذه الروايات فى كتاب السنن لأبى داود- أن أبا داود نفسه قد استخدم أحيانا كثيرة نصوصا مدونة مصادر لكتابه «السنن» ولكنه لم يذكر فى كتابه الأحاديث التى تجعل الكتابة شيئا مكروها على الإطلاق (٢٢٢) وفهم يوسف شاخت من عبارة الشافعى: «ومن كتاب عمر بن حبيب عن محمد بن إسحاق» (٢٢٣) أن مرويات الشافعى لا ترجع دائما إلى مصادر شفوية، فقد استخدم فى إحدى الحالات مصدرا مدونا (٢٢٤). ويتضح من مثال ثالث أنهم أخطئوا فى فهم وتفسير المواضع الخاصة بالكتابة، وبحث جولدتسيهر صحيفة أحاديث الصحابى عبد الله بن عمرو بن العاص، ثم قال: هذه هى الصحيفة التى روى عنها ابن حفيده عمرو بن شعيب (المتوفى ١٢٠ هـ/ ٧٣٧ م) أحاديثه. ولهذا السبب لم يعترف النقاد بعد ذلك بمروياته التى ترجع إلى جد أبيه اعترافا كاملا» (٢٢٥) وفى هذا الرأى أحد الأسباب التى جعلت جولدتسيهر يعتقد أنه قد ظهر فى وقت متأخر تحرج من حفظ الحديث بالتدوين (٢٢٦)./ فكان بعض النقاد يعارضون استخدام مرويات عمرو بن شعيب لا بسبب أنه كان يروى من صحيفة بل لأنه لم يكن يروى إلا بطريق


(٢٢١) شبرنجر: حياة محمد Sprenger ,Leben III ,Vorwort ١٠١
(٢٢٢) جولدتسيهر: دراسات إسلامية I.Goldziher ,Muh.Stud.II ,١٩٨.
(٢٢٣) اختلاف الحديث للشافعى، مطبوع على هامش كتاب الأم للشافعى ٨/ ٣٥٩.
(٢٢٤) يوسف شاخت: أصول الفقه الإسلامى
J. Schacht. The Originsof Mohammedan Jurisprudence ٣٨
(٢٢٥) جولدتسيهر: دراسات إسلامية Goldziher ,Muh.Stud.II ,١٠
(٢٢٦) نفس المرجع II ,٨

<<  <  ج: ص:  >  >>