للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكتابة أو الوجادة (٢٢٧). ونجد لهذا تفسيرا واضحا عند الواقدى، قال «سألت ابن جريج عن قراءة الحديث على المحدث، فقال: ومثلك يسأل عن هذا إنما اختلف الناس فى الصحيفة يأخذها ويقول: أحدث بما فيها ولم يقرأه، فأما إذا قرأها فهو سواء» (٢٢٨) حتى إنّ المصطلحات نفسها التى عارض بها المحدثون هذا الضرب، كانت سببا فى ضروب جديدة من الفهم الخاطئ. فنحن نسمع كثيرا فى كتب الحديث عن أحكام سلبية، مثل: «وكان سعيد بن جبير يكره كتاب الحديث (٢٢٩)» أو «نرى أنها كتاب (٢٣٠)»، أو قال «أما علمت أن الكتاب يكره» (٢٣١). وبغض النظر عن التحديد الواضح للمصطلح فى كتاب علم أصول الحديث فمن المؤكد أن أصحاب هذه الأحكام كانوا يكتبون ويؤلفون الكتب، ولم تكن مؤلفات كبار المحدثين السابقين عليهم مجهولة لديهم، وواضح أنهم كانوا يقصدون بهذه العبارات نقد الرواية عن طريق الكتاب أو الكتابة، ولم يكن هدفهم الكتاب المدون.

وبدون أن يفهم جولدتسيهر المعنى الدقيق لمطلح «كتاب» أو «كتابة» فقد أخطأ فى تفسيره لعبارة الزهرى: «كنا نكره كتاب العلم، حتى أكرهنا عليه هؤلاء الأمراء فرأينا ألا نمنعه أحدا من المسلمين» (٢٣٢). وقد فهم جولدتسيهر من هذا النص أن الزهرى اعترف بأنه- على هذا النحو- قد مكن الأمويين من الحصول على ذرائع دينية تخدم مصالح أسرتهم الحاكمة (٢٣٣)) أما يوسف هوروفتس (٢٣٤) فلم يكن- مع الأسف- يعرف معنى هذا


(٢٢٧) الترمذى ١/ ٦٦، ١٢٥ والتهذيب لابن حجر ٨/ ٤٩ - ٥٤
(٢٢٨) طبقات ابن سعد (بيروت) ٥/ ٤٩٢
(٢٢٩) نفس المرجع ٦/ ٢٥٨، ولكن من المعروف أن سعيد بن جبير كتب الأحاديث. انظر نفس المرجع ٦/ ٢٥٧ وكذلك:
العلل لابن حنبل ١/ ٢٥٧
(٢٣٠) العلل لابن حنبل ١/ ٢٢٧
(٢٣١) نفس المرجع ١/ ٤٣
(٢٣٢) الطبقات لابن سعد ٢/ ١٣٥، حلية الأولياء لأبى نعيم ٣/ ٣٦٣.
(٢٣٣) جولدتسيهر: دراسات إسلامية I.Goldziher ,Nuh.Stud.II ,٣٨
(٢٣٤) هوروفتس Isl.Cult.٢ ,١٩٢٨ /٤٧ - ٤٨

<<  <  ج: ص:  >  >>