للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حال أبى بكر الصديق (٥٠)، وعمر بن الخطاب (٥١)، وبعض التابعين مثل سعيد بن المسيب (٥٢)، إلّا أن الأخبار والإشارات تنفى أى شك فى أن المحاولات الأولى لتفسير القرآن رغم ذلك ترجع إلى صدر الإسلام، وأن عبد الله بن العباس صاحب أول محاولة فى هذا المجال. وقد وصف تلميذه سعيد بن جبير من قرءوا القرآن ولم يفسروه بأنهم فى عمى وجهل (٥٣).

أما الزعم القائل بأن عبد الله بن العباس لم يخلف كتابا بالمعنى الدقيق للكلمة، فلا أساس له من الصحة. وقد نشأ هذا الرأى عن التصور الخاطئ لبواكير التأليف فى المجالات المختلفة من التراث العربى. فالمعلومات يؤيد بعضها بعضا وتؤدى بنا إلى تصور مختلف كل الاختلاف، وبحسبه لم يكن ابن عباس نفسه من أوائل العرب الذين دونوا معارفهم.

وترجع أقدم الكتب المدونة فى الفقه والأمثال والمثالب والتاريخ وغير ذلك- كما يتضح من الأبواب التى تتناولها من هذا الكتاب- إلى نفس الفترة فى صدر الإسلام، حتى إن بعضها يرجع إلى الجاهلية. وهل يمكن أن يتصور الإنسان- بعد هذا- أن يقصر عبد الله بن العباس، وهو ذو المعارف المتنوعة فى الشعر والأنساب وأيام العرب فى الجاهلية والمغازى وسيرة الرسول والفقه الإسلامى، فى تدوين معارفه؟ إن المؤرخ موسى بن عقبة


(٥٠) انظر: تفسير الطبرى، تحقيق شاكر ١/ ٧٨.
(٥١) انظر المعلومات الواردة عند جولد تسيهر فى اتجاهات التفسير الإسلامى
(٥٢) انظر: تفسير الطبرى، ١/ ٨٧.
(٥٣) انظر: المرجع السابق ١/ ٨١، وهناك سوء فهم وقع فيه جولد تسيهر:
goldziher ,richtungen ,٥٦ أن سعيد بن جبير يعد ممن تحرجوا من تفسير القرآن الكريم. أما العبارة: سأله رجل أن يكتب (أو: أن يكتب) له تفسير القرآن فغضب وقال لأن يسقط شقى أحب إلىّ من ذلك (وفيات الأعيان لابن خلكان ١/ ٢٥٦)، فقد فهمها جولد تسيهر وترجمها كما لو كان المقصود أن الرجل طلب منه أن يفسر القرآن، وهذا غير صحيح، لأن سعيد رفض بعبارته أن يعطيه تفسيرا ينسخه، دون أن يكون قد قرأة عليه. وهو بهذا رافض للرواية بطريقة الكتابة»، انظر مقدمة الباب الخاص بعلم الحديث.

<<  <  ج: ص:  >  >>