للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن ابن جُرَيج، عن عطاءٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: قال رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا وصيَّةَ لوارِثٍ، إلّا أن يُجيزَها الوَرَثةُ" (١) (٢).

قال أبو عُمر: لا خِلافَ بين العُلماءِ أنَّ الوَصِيَّةَ للأقارِبِ أفضَلُ من الوصيَّةِ لغيرِهِم إذا لم يكونُوا وَرَثةً وكانوا في حاجَةٍ، وكذلك لا خِلافَ عَلِمتهُ بين العُلماءِ في جَوازِ وصيَّةِ المُسلِم لقرابتِهِ الكُفّارِ؛ لأنَّهُم لا يَرِثُونهُ، وقد أوصَتْ صفيَّةُ بنتُ حُيَيّ لأخ لها يهُوديٍّ (٣).

واختلفُوا فيمَنْ أوصى لغيرِ قَرابتِهِ، وتركَ قَرابتَهُ الذين لا يرثُونَ، فرُوِيَ عن عُمرَ: أنَّهُ أوصى لأُمَّهاتِ أولادِهِ، لكلِّ واحدةٍ بأربعةِ آلاف (٤)، ورُوِيَ عن عائشةَ: أنَّها أوصَتْ لمولاةٍ لها بأثاثِ البيتِ. ورُوِيَ عن سالم مِثلُ ذلك.

قال الضَّحّاكُ: إن أوصى لغيرِ قَرابتِهِ، فقد ختَمَ عملهُ بمَعْصيةٍ.

وقال طاوُوسٌ: من أوْصَى فسمَّى غيرَ قَرابتِهِ، وترَكَ قَرابتَهُ مُحتاجينَ، رُدَّت وصيَّتُهُ على قَرابتِهِ؛ ذكرهُ عبدُ الرَّزّاقِ (٥)، عن مَعْمرٍ، عن ابن طاوُوسٍ، عن أبيهِ. وهُو مشهُورٌ عن طاوُوسٍ. ورُوَي عن الحسنِ البصريِّ مِثلُهُ.

وقال الحسنُ أيضًا، وجابرُ بن زيدٍ، وسعيدُ بن المُسيِّبِ: إذا أوصَى لغيرِ قَرابتِه وتَرَكَ قرابتَهُ، فإنَّهُ يُرَدُّ إلى قَرابتِهِ ثُلُثا الثُّلُثِ، ويُمضَى ثُلُثُهُ لمن أوْصَى لهُ.


(١) أخرجه أبو داود في المراسيل (٣٤٩)، والدارقطني في سننه ٥/ ١٧١ (٤١٥٠)، والبيهقي في الكبرى ٦/ ٢٦٣، من طريق حجاج، به. قال أبو داود: عطاء الخراساني لم يدرك ابن عباس ولم يره.
(٢) بعد هذا في ظا: "قال أبو عمر: هذا إجماع من علماء المسلمين فارتفع فيه القول ووجب التسليم"، ولم ترد في الأصل مكان المؤلف حذفها في النشرة الأخيرة، واكتفى بقوله: "لا خلاف ... إلخ".
(٣) أخرجه عبد الرزاق في المصنَّف (٩٩١٣)، وسعيد بن منصور في سننه (٤٣٧)، والبيهقي في الكبرى ٦/ ٢٨١.
(٤) أخرجه سعيد بن منصور في سننه (٤٣٨).
(٥) في المصنَّف (١٦٤٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>