الشركات التي يكون موضوع نشاطها محرمًا، قد تكون شركة خمور – مثلًا – كما في البلاد الأجنبية هناك شركات لإنتاج الخمور فقط، أو تكون شركة بنوك ربوية إلى آخره، فهذا النوع من الشركات لا شك يجب أن يكون تداول أسهمه شراء وبيعًا واستثمارًا لأجل عوائده أن يكون هذا غير جائز شرعًا بلا شك ولا ريب، ولكن هناك شركات أخرى والتي هدفها تجاري كشركات الفروق التجارية الكبرى التي لها فروع في مختلف بلاد العالم منها شركات الفنادق إلى آخر ما هنالك، فهذه إذا كانت معظم معاملاتها – وقد تقترض بالربا وما إلى ذلك هذه أيضًا يمكن منعها – أي منع تداول أسهمها – على المستثمرين الصغار ويقال لهم: خذوا من شركات أخرى أو من بنوك إسلامية اشتروا أسهمًا، وأما شركات ذات الخدمات العامة التي يقوم مشروعها على خدمات ضرورية للمجتمع هذه ليس هدفها ربويًّا وإنما هي تؤدي خدمة تعجز عنها الدولة بنفسها، وطريقة الأسهم هي التي تجمع الشيء الكثير كما يقول المثل (القليل من الكثير كثير) ، تجتمع رؤوس أموال ضخمة تنشئ هذه المشاريع التي أصبحت ذات تكاليف عظيمة تعجز عنها الدولة فمثل هذه الشركات لا يملك أبناء المجتمع منعها بالمرّة من التعامل مع البنوك ولا سيما الإيداعات فالذي يبدو أن مثل هذه الشركات لا يحجر على الناس أن يتداولوا أسهمها ويمتلكوها سواء لبيع الأسهم وشرائها تجارة أو لأجل أخذ عائد السهم من الربح ولكن ينبغي هنا – نقطة الإشكال – إذا كانت هذه تودع أموالها وتأخذ عليها فوائد وقلنا الإيداع لأنه لا توجد شركة تخلو منه أبدًا فسد الباب يكون مشكلًا وإنما نحن نستطيع على أساس التنقية – تنقية المال – فيمكن أن يقال لمن يقتنون هذه الأسهم لأجل أرباحها كعائد لوفرهم القليل أن يستطيعوا – وهذا ممكن – بطريقة حسابية تقريبية ولا يشترط التدقيق التام بالفلس هذا لا يشترط وإنما الشيء التقريبي مقبول أن يفرزوا ما يقدر من عوائد دخلت على الشركة ومن فوائد ربوية وأن يوجهوه إلى الفقراء أو إلى المشاريع الإسلامية وبذلك نكون لم نسدد طرق إنشاء هذه الشركات وتداول أسهمها على ذوي الحاجة وبالقدر الممكن نقي الطريق من الشوائب. والله سبحانه وتعالى أعلم.
القاضي محمد تقي العثماني:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الكريم وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
في الواقع إن موضوع الأسهم وجزئيته التي طرحت مساء اليوم من أخطر وأهم الموضوعات التي ناقشناها حتى الآن في هذه الدورة ولها أبعاد عميقة ينبغي ألا نسرع في الفتوى حتى نستكمل النظر في جميع هذه الأبعاد.