الواقع أن هذا المجمع لو خرج بفتوى منع المستقبليات ومنع الخيارات فإنه لا يكون لهذه الفتوى أثر عملي بليغ في النشاط الاقتصادي في العالم الإسلامي أما إذا خرج المجمع بقرار أن شراء هذه الأسهم ولو كانت أسهم الشركات المساهمة التي معظم نشاطها حلال فإن هذه الفتوى ستؤثر على النشاط الاقتصادي في العالم الإسلامي كله أثرا بالغًا لا ينبغي أن نغض النظر عنه، ومما يجب أن نتنبه له أننا نتكلم الآن في تلك الشركات المساهمة فحسب التي معظم نشاطها حلال وأعمالها الجوهرية حلال شرعًا ولكنها قد تضطر أو قد تختار إيداع أموالها في البنوك الربوية، وقد تقترض بعض الأموال على أساس الفائدة ويقال: بما أنه دخل هذه الشركات الربا فلذلك لا يجوز لرجل عامي أن يشتري سهم مثل هذه الشركة المساهمة ولي في هذه الوجهة وقفة طويلة من الناحية الشرعية والفقهية. الدليل الذي يستدل به في منع شراء الأسهم في مثل هذه الشركات هو أن حامل السهم موكل والشركة المساهمة وكيل لحامل السهم في جميع نشاطاتها فإذا كانت تقترض على أساس الفائدة أو تودع أموالها في البنوك الربوية فإن هذه المعاملة الربوية ستنسب إلى حامل السهم فلا يجوز لحامل السهم أن يدخل في هذه المعاملة الربوية. الواقع أن هذا الدليل ينبني على أن الشركة المساهمة قد اعتبرت شركة عنان كما ذكره فقهاؤنا, والذي ينبغي أن نتنبه له هو أن الشركة المساهمة اليوم لا تدخل في إحدى الأقسام الأربعة من الشركة التي ذكرها الفقهاء في كتبهم، لا هي شركة مفاوضة ولا هي شركة عنان ولا هي شركة وجوه ولا ثنايا لا تدخل في أحد من هذه الأقسام إنما هي قسم جديد، فلا تطبق عليه جميع الأحكام التي ذكرها الفقهاء في كتبهم حول هذه الأقسام الأربعة. هذا قسم مستحدث لا ينبغي أن نطبق عليه جميع الأحكام التي ذكرها الفقهاء في الأقسام الأربعة، صحيح أن الشريك يكون وكيلًا لشريكه ولكن الوكالة لها درجات، هل هي وكالة عامة، أو وكالة في شيء مخصوص؟ فإن اشتريت سهمًا في إحدى شركات المساهمة وصرحت في الجمعية العمومية بأنني لا أقبل معاملة ربوية ولا أرضى بها فكيف يقال أني موكل لتلك الشركة المساهمة ووكلتها للدخول في معاملة ربوية؟ فما دمت صرحت في الجمعية العمومية بأني غير راض على أية معاملة ربوية فإن الشركة المساهمة لو دخلت في معاملة ربوية فإنها لا يجوز أن تنسب إليَّ. فمن هذه الناحية لا نستطيع أن نقول: إن شراء السهم حرام من حيث إنه يكون توكيلًا للشركة في معاملات ربوية.