للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاقتراض على بيت المال:

٤ – لا خلاف بين الفقهاء في أنه يجوز للإمام الاستقراض على بيت المال وقت الأزمات وعند الملمات والنوائب لداعي الحاجة الماسَّة أو المصلحةِ الراجحة. قال إمام الحرمين الجويني: (وما ذكره الأولون من استسلاف رسول الله صلى الله عليه وسلم عند مسيس الحاجات، واستعجاله الزكوات، فلست أنكر جواز ذلك، ولكني أجوز الاستقراض عند اقتضاء الحال وانقطاع الأموال ومصير إلى منتهى يغلب على الظن فيه استيعاب الحوادث لما يتجدد في الاستقبال " (١) .

غير أن الفقهاء قيدوا ذلك بثلاثة شروط:

(أحدها) أن يكون هناك إيراد مرتجى لبيت المال ليوفى منه القرض. قال الشاطبي: " والاستقراض في الأزمات إنما يكون حيث يرتجى لبيت المال دخل ينتظر أو يرتجى " (٢) . وقال الغزالي: " ولسنا ننكر جواز الاستقراض ووجوب الاقتصار عليه (٣) إذا دعت المصلحة إليه، ولكن إذا كان الإمام لا يرتجي انصباب مال إلى بيت المال يزيد على مؤن العسكر ونفقات المرتزقة في الاستقبال، فعلى ماذا الاتكال في الاستقراض مع خلو اليد في الحال وانقطاع الأمل في المآل؟! " (٤) .


(١) غياث الأمم في التياث الظلم (طبعة قطر) : ص ٢٧٩.
(٢) الاعتصام (طبعة دار الفكر) : ٢/١٢٢.
(٣) أى الاقتصار على الاستقراض دون اللجوء لفرض ضرائب على الناس.
(٤) شفاء الغليل، للغزالي: ص٢٤١ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>