للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاقتراض على الوقف:

٦- أما الاستقراض على الوقف، فهو جائز أيضًا لداعي المصلحة. قال البهوتي الحنبلي: " والظاهر أن الدين في هذه المسائل يتعلق بذمة المقترض وبهذه الجهات، كتعلق أرش الجناية برقبة العبد الجاني، فلا يلزم المقترض الوفاء من ماله، بل من ريع الوقف وما يحدث لبيت المال. أو يقال: لا يتعلق بذمته رأسًا " (١) . أي بذمة المقترض.

٧ – غير أن الفقهاء اختلفوا في شروط الاستدانة على الوقف على+++ ثلاثة أقوال:

(أحدها) للشافعية: وهو أنه يجوز لناظر الوقف الاقتراض على الوقف عند الحاجة إن شرطه له الواقف أو أذن له فيه الحاكم. قالوا: فلو اقترض من غير إذن القاضي ولا شرط من الواقف لم يجز، ولا يرجع على الوقف بما صرفه لتعديه فيه (٢) .

(والثاني) للمالكية والحنابلة: وهو أنه يجوز للناظر الاقتراض على الوقف بلا إذن حاكم لمصلحة – كما إذا قامت حاجة لتعميره، ولا يوجد غلة للوقف يمكن الصرف منها على عمارته – لأن الناظر مؤتمن مطلق التصرف، فالإذن والائتمان ثابتان له (٣) .

والثالث للحنفية: وهو أنه لا تجوز الاستدانة على الوقف إن لم تكن بأمر الواقف إلَّا إذا احتيج إليها لمصلحة الوقف – كتعمير وشراء بذر وليس للواقف غلة قائمة بيد المتولي، فتجوز عند ذلك بشرطين: الأول: إذن القاضي إن لم يكن بعيدًا عنه، لأن ولايته أعم في مصالح المسلمين، فإن كان بعيدًا عنه فيستدين الناظر بنفسه. والثاني: أن لا تتيسر إجارة العين والصرف من أجرتها (٤) .


(١) كشاف القناع: ٣/٣٠٠؛ وشرح منتهى الإرادات: ٢/٢٢٥. * ومما تجدر الإشارة إليه في هذا المقام أن الحنابلة في الأصل لا يجيزون الاقترض على الجهات العامة، لعدم تمتعها بالذمة حسب نصوصهم، لكنهم أجازوا ذلك بالنسبة للوقف وبيت المال استثناء لداعي المصلحة. ومن أجل ذلك جاءت عبارة مجلة الأحكام الشرعية على مذهب الإمام أحمد في م (٧٣٧) مومئةً إلى ذلك: " من شأن القرض أن يصادف ذمَّة يثبت فيها، لكن يصح الاقتراض على بيت المال كما يصح الاقتراض على الوقف ".
(٢) نهاية المحتاج: ٥/٣٩٧؛ وتحفة المحتاج وحاشية الشرواني عليه: ٦/٢٨٩.
(٣) مواهب الجليل: ٦/٤٠؛ وكشاف القناع: ٣/٣٠٠، ٤/٢٩٥؛ وشرح منتهى الإرادات: ٢/٢٢٥.
(٤) الدر المختار وحاشية ابن عابدين عليه: ٣/٤١٩؛ والإسعاف للطرابلسي: ص٤٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>