للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

و (الثاني) للحنابلة على الصحيح في المذهب والحنفية، وهو عدم جواز الصلح عن دين مؤجل ببعضه معجلًا – لأن المحطوط عوض عن التعجيل، فأشبه ما لو أعطاه عشرة حالَّة بعشرين مؤجلة – إلَّا في دين الكتابة, لأن الربا لا يجري بينهما في ذلك. (١) وقد جاء في م (١٦٢١) من مجلة الأحكام الشرعية على مذهب الإمام أحمد "لا يصح الصلح عن دين مؤجل ببعضه حالًّا إلَّا في دين الكتابة" وقد علل الحنفية المنع في غير دين الكتابة: " بأن صاحب الدين المؤجل لا يستحق المعجل، فلا يمكن أن يجعل استيفاءً، فصار عوضًا، وبيع خمسمائة بألف لا يجوز " (٢) .

وبيان ذلك: أن المعجل لم يكن مستحقًّا بالعقد حتى يكون استيفاؤه استيفاء لبعض حقه، والتعجيل خير من النسيئة لا محالة، فيكون خمسمائة بمقابلة خمسمائة مثله من الدين، والتعجيل في مقابلة الباقي، وذلك اعتياض عن الأجل، وهو باطل. ألا ترى أن الشرع حرم ربا النسيئة، وليس فيه إلا مقابلة المال بالأجل شبهة، فلأن تكون مقابلة المال بالأجل حقيقة حرامًا أولى " (٣) .

قالوا: " أما إذا صالح المولى مكاتبه عن ألف مؤجلة على خمسمائة حالة فإنه يجوز، لأن معنى الإرفاق فيما بينهما أظهر من معنى المعاوضة، فلا يكون هذا من مقابلة الأجل ببعض المال، ولكنه إرفاق من الموالي بحط بعض البدل، وهو مندوب في الشرع، ومساهلة من المكاتب فيما بقي قبل حلول الأجل، ليتوصل به إلى شرف الحرية، وهو أيضًا مندوب إليه في الشرع " (٤) .


(١) البحر الرائق: ٧/٢٥٩؛ وتبيين الحقائق: ٥/٤٣؛ والبدائع: ٦/٤٥؛ والدر المنتقى: ٢/٣١٥؛ وشرح منتهى الإرادات: ٢/٢٦٠؛ والمبدع: ٤/٢٧٩؛ وكشاف القناع: ٣/٣٨٠.
(٢) تحفة الفقهاء: ٣/٤٢٣.
(٣) العناية على الهداية: ٧/٣٩٦؛ وتبيين الحقائق وحاشية الشلبي عليه:٥/٤٢؛ وشرح المجلة للأتاسي: ٤/٥٦٤.
(٤) تبيين الحقائق للزيلعي: ٥/٤٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>