ويتضح هذا بمثال: هَبْ أن زيدًا استدان من عمرو مائة دولار، وطالبه عمرو بكفيل. فجاء خالد يقول لزيد: أنا أؤدي عنك دينك الآن، على أن تعطيني بعد ذلك مائة وعشرة، والعشرة أجرة على ما قدمته من خدمة الأداء.
وجاء بكر يقول لزيد: أنا أكفل عنك دينك، على أن تعطيني عشرة دولارات أجرة الكفالة، وتكون المائة قرضًا عليك إذا اضْطُررت إلى الأداء فعلًا.
ويلزم القائلين بجواز أجرة الكفالة أن تكون الأجرة التي يتقاضاها بكر جائزة، والأجرة التي تقضاها خالد حرامًا، مع أن خالدًا قد بذل ماله فعلًا، وإن بكرًا لم يفعل شيئًا إلا الالتزام بالبذل عند الأداء، فلو كانت الأجرة المطلوب من قبل الباذل حرامًا، فالأجرة المطلوبة من قبل الملتزم أولى بالتحريم.
وبعبارة أخرى، فإن الكفيل نفسه، لو اضْطُرَّ إلى أداء الدين من قبل الأصيل، فإنه لا يجوز له أن يطالب الأصيل إِلَّا بما دفع فعلًا، ولا يجوز له الزيادة على ذلك، لكونها ربا محرمًا، فكيف يجوز له أن يطالب الأصيل بشيء فيما إذا لم يدفع شيئًا، وإنما التزم بالدفع فقط؟
وبهذا تبين أنه لا سبيل إلى القول بجواز أجرة الكفالة، فما هو البديل الشرعي الذي يمكن أن تتخذه البنوك الإسلامية، لا سيما في عمليات التجارة الدولية، وفي إصدار خطاب الضمان (Letter of Credit) ؟
والجواب أنه يجوز للبنك أن يتقاضى من العميل شيئين:
الأول: النفقات الفعلية التي تحملها في عملية إصدار خطاب الضمان.
الثاني: الأجر على جميع الأعمال التي يباشرها بصفة الوكيل، أو السمسار، أو الوسيط بين المورِّد والمصدِّر.
ولكن لا يجوز له أن يطالب بالأجرة على نفس الكفالة والضمان.