للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ابن قدامة في المغني:

(إذا كان عليه دين مؤجل فقال لغريمه: ضع عني بعضه وأعجل لك بقيته، لم يجز. كرهه زيد بن ثابت وابن عمر والمقداد وسعيد بن المسيب وسالم والحسن وحماد والحكم والشافعي ومالك والثوري وهشيم وابن علية وإسحاق وأبو حنيفة، وقال مقداد لرجلين فعلا ذلك: كلاكما قد آذن بحرب من الله ورسوله، وروي عن ابن عباس أنه لم ير به بأسًا، وروي ذلك عن النخغي وأبي ثور، لأنه آخذ ببعض حقه، تارك لبعضه، فجاز، كما لو كان الدين حالًّا، الخرقي: لا بأس أن يعجل المكاتب لسيده ويضع عنه بعض كتابته، ولنا أنه بيع الحلول فيم يجز، كما لو زاده الذي له الدين فقال: أعطيك عشرة دراهم وتعجل لي المائة التي عليك، فأما المكاتب فإن معاملته مع سيده، وهو يبيع بعض ماله ببعض، فدخلت المساهمة فيه، ولأنه سبب العتق، فسومح فيه، بخلاف غيره) (١) .

وبناء على هذه النصوص الفقهية، فالراجح حرمة إسقاط بعض الدين في مقابل إسقاط بعض الأجل.

" ضع وتعجل " في الديون الحالة:

ولكن الذي يبدو أن حكم المنع هذا يختص بالديون المؤجلة. أما في الديون الحالة التي لا يكون الأجل فيها مشروطًا في العقد، وإنما يتأخر المدين في الأداء لسبب أو لآخر، فالظاهر أنه لا بأس بالصلح على إسقاط بعض الدين بشرط أن يؤدي المدين الدين المتبقي معجلًا، وهذا قد صرح به علماء المالكية، جاء في المدونة الكبرى:

(قلت: أريت: لو أن لي على رجل ألف درهم قد حلت، فقلت: اشهدوا: إن أعطاني مائة درهم عند رأس الشهر، فتسعمائة درهم له، وإن لم يعطني فالألف كلها عليه. قال مالك: لا بأس بهذا، وإن أعطاه رأس الهلال فهو كما قال: وتوضع عنه التسعمائة، فإن لم يعطه رأس الهلال، فالمال كله عليه) .


(١) المغني، لابن قدامة، مع الشرح الكبير: ٤/١٧٤ و١٧٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>