للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوثيق الكتابي:

قال الله تعالى: {إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} (١) الآية.

تعتبر هذه الآية الكريمة من أهم النصوص في شأن التوثيق، وقد عرضت للدين وتوثيقه من نواحٍ عده، فذكرت كتابة الدين، وعدالة الكاتب وعدالة المملي، وذكرت الاستشهاد على الدين وعدالة الشهود وما يتصل بذلك من الإشهاد على البيع.

وما يستثنى توثيقه ... إلخ ولنعرض جهد العلماء فيما يستفاد من هذه الآية الكريمة.

قال القرطبي في شرح هذه الآية: (ذهب بعض الناس إلى أن كتب الديون واجب على أربابها، فرض بهذه الآية، بيعًا كان أو قرضًا، لئلا يقع فيه نسيان أو جحود، وهو اختيار الطبري، وقال ابن جريج: من أدان فليكتب ومن باع فليشهد. وقال الشعبي: كانوا يرون أن قوله: (فإن أمن ...) ناسخ لأمره بالكتب. وحكى نحوه ابن جريج، وقاله ابن زيد، وروي عن أبي سعيد الخدري، وذهب الربيع إلى أن ذلك واجب بهذه الألفاظ، ثم خففه الله تعالي بقوله: {فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا} . قال الجمهور: الأمر بالكتب ندب إلى حفظ الأموال وإزالة الريب، وإذا كان الغريم تقيًّا فما يضره الكتاب، وإن كان غير ذلك فالكتاب ثقاف في دينه وحاجة صاحب الحق.

قال بعضهم: إن أشهدت فحزم، وإن ائتمنت ففي حل وسعة، قال ابن عطية: وهذا هو القول الصحيح. ولا يترتب نسخ في هذا لأن الله تعالى ندب إلى الكتاب فيما للمرء أن يهبه ويتركه بإجماع، فندبه إنما هو على جهة الحيطة للناس) (٢) .

ذكر الجصاص أن الأمر بالكتابة لم يرد إلا مقرونًا بقوله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا} إلخ. وانتهى إلى نتيجة حتمية في اعتباره وهي أن الأمر بالكتابة والإشهاد ندب غير واجب.

وقد حذا حذو القرطبي والجصاص كثير من المفسرين كابن كثير، والآلوسي وكذلك جمهور الفقهاء من علماء المذاهب وأدلتهم تختلف وتتلخص فيما يأتي:


(١) سورة البقرة: الآية ٢٨٢.
(٢) تفسير القرطبي:٣/٣٨٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>