للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأول: أن الأمر ورد صريحًا بكتابة الدين والإشهاد عليه، والأصل في الأمر الوجوب ما لم يصرفه صارف إلى الندب، وحيث لم يرد صارف له هنا فالوجوب مقطوع به عندهم.

الثاني: أن السنة وردت بذلك، وذكر ابن حزم في المحلى حديثًا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ثلاثة يدعون الله فلا يستجيب لهم: رجل كانت له امرأة سيئة الخلق فلم يطلقها، ورجل أعطى ماله سفيهًا وقد قال تعالى: {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ} ، ورجل له على رجل دين لم يشهد عليه) (١) .

ووجه الدلالة في هذا أن الحرمان من قبول الدعاء نقمة، والنقمة لا تكون إلا على معصية.

الثالث: ما روي من الآثار من أن ابن عمر – رضي الله عنهما – كان إذا باع بنقد أشهد، وإذا باع بنسيئة كتب وأشهد (٢) .

الرابع: أنكر ابن عباس – رضي الله عنهما – النسخ وأكد أن الآية محكمة وعلى هذا عطاء وجابر والنخعي والشعبي وأبو جرير من كبار المفسرين والأصل عدم النسخ والنسق القرآني يأتلف مع عدم النسخ أكثر مما يأتلف مع وجوده.

والذي نميل إليه أن طهر النفوس وظهور التقوى والورع بين الناس في زمن السلف مال بهم إلى الاجتهاد بعدم التزام التوثيق ولكن الواقع في عهدنا هذا من خراب ذمم الناس وبعدهم عن التقوى – إلَّا من هدى الله – لا يقضي القياس استحسانًا عند أولي العلم بوجوب التوثيق ولكن الواقع في عهدنا هذا من خراب ذمم الناس وبعدهم عن التقوى – إلا من الهدي الله – لا يقتضي القياس استحسانًا عند أولي العلم بوجوب التوثيق خاصة في الديون ويكون ذلك تطبيقًا حقًّا للنظم الإسلامية التي شرعت لمسايرة الحياة في أزمانها وأطوارها ولأولي الأمر الحق كاملًا في إصدار ما يرونه من تشريع ملزم للناس بالكتابة في العقود ذات الخطر والتي تؤثر على حياة الناس أو يكثر فيها النزاع والتجاحد ... ويكون في هذا مصلحة واحتياط للدين والدنيا خاصة وأن سهولة أدوات الكتابة من أقلام وورق وآلات حاسبة يرفع الحرج الذي حال بالأوائل إلى القول بعدم وجوب الوثيق ... وقد رخص الله لنا بمنه وكرمه في ترك كتابة التجارة الحاضرة.


(١) المحلى، لابن حزم: ٨/٣٤٤.
(٢) المحلى، لابن حزم: ٨/٣٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>