بسم الله الرحمن الرحيم، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
أقدر لفضيلة الشيخ القاضي تقي الدين العثماني هذا التقديم الجيد الممتاز، والذي كان فيه أمينًا في نقل ما جاء به من أفكار إخواننا الذين كتبوا في هذا الموضوع، وأردت أن أضيف إضافات:
أولًا: ما عبر عنه الرهن بالذمة السائلة، نعود إلى أصل الرهن ولماذا الرهن؟ الرهن هو: توثق الدائن بأن المدين يدفع له عند الأجل ما هو بذمته وهذا التوثق قد كان لا يحصل إلا بالقبض الفعلي وأنه إذا خرج القبض الفعلي استطاع المدين أن يفوت في الرهن دون أن يعلم الدائن، تطور حضاري دخل للعالم كله أثره، هو أنه أصبح الإنسان قبضه للشيء في كثير من الأشياء لا يمكنه من التفويت فيها، فالإنسان يسكن دارًا ولا يستطيع أن يفوت فيها لأن التفويت في البيت إنما يقع بواسطة العقد، السيارة لا يستطيع أن يبيعها لأن السيارة لا تباع إلا بعقد، إلا بوثيقة، فأصبح المهم الذي يوثق هو العقد، ولذلك يقع الرهن على العقد ويقع التسجيل على البطاقة الرمادية للسيارة أنها لا تباع، وهذا ما وضحه مولانا الشيخ الطاهر ابن عاشور رحمة الله عليه في تفسير التحرير والتنوير، إن الناس اليوم يستعيضون عن القرض بقوله تعالى:{فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} أو أن القبض في وقتنا هو القبض للوثائق الملفتة للملكية، هذا هو تأكيد لأنه الأولى لكل ما هو موثق بوثيقة.
أنا علقت تعليقًا بسيطًا على قصة أبي حدرد لمَّا قال صلى الله عليه وسلم وأشار بأن ضع وتعجل في أن اختياره كحجة خاصة على قضية خاصة فيه مقال، وأعتقد أنه على أصل الصلح لأنه لم يرد في الحديث التفصيلات الكافية حتى نقيس، وهذا لا أعلمه من أي وجه للقياس التي يمكن الاعتماد عليها.
ثالثًا، كفاني الأستاذ القره داغي الكثير مما كنت أريد أن أقول، لكن بقيت أشياء لابد من الزيادة أو الإضافة فيها، لابد من التفرقة بين الشرط وبين الطوع، فما كان شرطًا فمعنى ذلك فيه مباحة من الطرفين وأنه هناك فرض إرادة من طرف على طرف آخر، وما كان طوعًا فإنه يجوز لأن لكل شخص أن يتطوع، وهذا مما يفضي إلى زيادة الالتحام بين المؤمنين بينما الشرط هو دائمًا وأبدًا يمضي بالعكس لأن كل شخص يريد أن يحقق رغبته وينفذ إرادته، فقياس ما كان شيئًا شرطيًّا على ما كان طوعيًّا ما أدري كيف يمكن للقائس أن يقيس الأشياء المتناقضة؟