أوافق الأستاذ القاضي تقي العثماني على كل ما جاء في ورقته القيمة، ولكن لي بعض الملاحظات وعدم موافقة واحدة في جزئية وسأبدأ بالموضوعات التي ذكرها وحددها وهي موضوعات أربعة:
أولًا: الرهن السائل، أوافقه في جوازه، وهو معروف عندنا في السودان لكن لا نسميه بهذا الاسم، فالبنوك عندما تبيع سيارة مثلًا أو منزلًا لشخص آخر إلى أجل بالتقسيط، ترهن هذه السيارة أو المنزل، ويسجل على أنه رهن لصالح البنك مع وجود السيارة في يد المشتري ووجود المنزل في يد المشتري أيضًا ينتفع به، وهذا التسجيل يكفي ويعتبر قبضًا وقد أذن البنك الدائن للمدين بالانتفاع بهذا الرهن، فهذا أمر عملي وواقع، لكن لي بعض الملاحظات في الاستدلال، وهو ما جاء عند الكلام عن الرهن كأداة من أدوات التوثيق، فهو كما يقول الأستاذ العثماني: وإن إمساك المبيع في يد البائع يمكن أن يتصور بطريقتين: الأول، أن يكون على أساس حبس المبيع لاستيفاء الثمن، وهذه استبعدها وأنا معه في هذا واضح، والثاني، أن يكون بطريق الرهن، وقال: والفرق بين الصورتين أن المبيع المحبوس عند البائع مضمون عليه بالثمن، وهذا لا خلاف فيه، فلو هلك المبيع وهو محبوس عنده ينفسخ البيع – هذا على حسب أنه يقرر مذهب الحنفية في هذا – ولا يكون مضمونًا عليه في قيمته السوقية، أما في الرهن، وهذا موضع مخالفتي، لو هلك عند البائع من غير تعد منه لا ينفسخ البيع بل يهلك من مال المشتري – وهو يقرر في مذهب الحنفية – هذا مخالف لقواعد مذهب الحنفية في الرهن، الرهن إذا هلك في يد الدائن يهلك بالأقل من قيمته ومن الدين, وهذه قاعدة معروفة، وعلى الرغم من أن الأستاذ العثماني أتى بنقل عن ابن عابدين، وقد يفهم منه هذا الفهم، ولكني أيضًا توقفت فيه، لأنه مخالف للقاعدة المعروفة وهي قاعدة مشهورة، فهو لا يهلك بالثمن عند الحنفية مطلقًا ما دام اعتبرناه رهنًا، وكون المرهون هو المبيع، هذا لا يغير من الأمر شيئًا فهذه نقطة تحتاج إلى تحقيق.