الموضوع الثاني: وهو خصم الكمبيالة، أيضًا، أوافقه في القول بالمنع، وهذا واضح، ولي تعليقان على هذا: أولًا، في قوله: وإن خصم الكمبيالة بهذا الشكل غير جائز شرعًا، وهذا لا كلام فيه، الكلام هنا في التعليق، إما لكونه بيع الدين من غير من عليه الدين أو لأنه من قبيل بيع النقود بالنقود متفاضلة ومؤجلة. التعليل الثاني مقبول وهو من قبيل بيع النقود بالنقود متفاضلة، لأنه يبيع المائة بثمانين على أن يقبضها مائة عند حلول الأجل، وهذا يكفي للمنع، أما العبارة الأولى، لكونه بيع الدين من غير من عليه الدين، هذه تحتاج إلى تفصيل. الكمبيالة هي تدخل في بيع الدين من غير من عليه الدين بالنقد، لأن بيع الدين إما أن يكون بالدين، وإما أن يكون بالنقد، وفي الحالين إما أن يكون ممن عليه الدين أو يكون من غير من عليه الدين.
فالصورة التي أمامنا هي من قبيل بيع الدين بالنقد لغير من عليه الدين، لأنه يبيع المائة وهذه المائة دين عليه هو يبيعها بثمانين للبنك وهو غير من عليه الدين، فالموضوع فيه إشكال في الواقع ليس واضحًا في هذه الجزئية، ولعل هذا ما حمل الأستاذ الزرقا على طلب الكلمة، ففي رأيي هذا التعليل الأخير هو الواضح وينطبق على هذه المسألة لأن صاحب الكمبيالة يبيع المائة للبنك بثمانين على أن يقبضها مائة عند حلول الأجل.
النقطة المهمة في هذا هو المخرج الذي قدمه لنا الأستاذ العثماني، وأنا أخالفه فيه كل المخالفة، وهذه حيلة لخصم الكمبيالة، وحتى لو نظرنا فيها فهي لا تجوز، والأستاذ جعلها إجارة وكالة بأجر يعني إجارة وقرض، وقال: إن هذين العقدين كل واحد منهما جائز، فإذا اجتمعا جازا، لا، أولًا اجتماع الأجر والقرض لا يجوز بنص الحديث " لا يصح سلف وبيع " ومثل البيع الإجارة فلا يصح أن يجتمع هذان العقدان.